للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوسطى وفي بلاد الهند إلى أوائل الجيل الماضي ومن أشهرهم في العلم والعلماء الغ بك واسمه محمد بن شاهر روخ اعتنى هذا الرجل بعلم الفلك وألف فيه زيجاً باللغة الفارسية ترجمه إلى العربية بعض أفاضل المصريين والترجمة في خزينتي مصر وجمع هذا الرجل خزانة من الكتب النفيسة رأيت بعض بقاياها كتاب الصور السمائية لعبد الرحمن بن عمر بن محمد بن ابن سهل الصوفي ويسمى بأبي الحسين ويعرف بكتاب صور الكواكب وبكتاب الكواكب الثابتة وهو الذي أريد أن أحدثكم عنه في هذه الساعة.

هذا الكتاب لا أبالغ في فضله ولا اذكر شيئاً من محاسنه وإنما أقول لكم أن الروس عرفوا قدره فطبعوه في بلادهم ثم أوعزوا إلى أحد علما الفرنسيين فترجمه إلى اللغة الفرنسية وطبعوا هذه الترجمة أيضاً في بطرسبرج. وهذا الصنيع المزدوج يدلكم على فضل الكتاب وفائدته. وإذا بحثتم في ارض مصر من الشلالات إلى الأشاتيم ومن بادية العرب إلى صحراء لوبيا لا تجدون سوى الترجمة الفرنسية وسوى الترجمة الفارسية في دار الكتب الخديوية أما الأصل العربي فقد لبس طاقية الاختفاء وتطاير في الفضاء وهجر ديارنا وواصل غيرنا فيما وراء البحاتر ورحل عن أرض أهين بها إلى بلاد ظهرت قيمته بين أهلها بحيث أن العرب الذين صدر الكتاب بلغتهم إذا احتاجوا الآن لمراجعته وجب عليهم أن يتلقنوا إحدى الفرنسية أو الفارسية أو أن يذهبوا إلى بطرسبرج وأن استبعدوها فإلى باريس وهنالك تجدون منه خمس نسخ استغفر الله بل ستاً لأن السادسة هي التي سأتكلم عليها. ففي سنة ١٨٩١ عثر يوسف بك خلاط على نسخة ملوكية من هذا الكتاب مكتوبة على ورق الحرير بألوان مختلفة بالنسخ والثلث وقد بلغ الكتاب فيهما نهاية الإجادة والإتقان وازدانت بصور ملونة باهية زاهية يتدفق فيها الذهب واللازورد على أحسن شكل وأجمل مثال.

وفوق هذه المزايا التي تجعل للنسخة قيمة يتنافس فيها المتنافسون ويتعشقها العارفون فإنها حوت أثراً آخر يزيدها قيمة لأهل الدراية. ولكن أين هم في ديارنا. . . وذلك أنها مكتوبة برسم خزانة الملك العالم المؤلف (الغ بك) وعليها اسمه بخطه فصارت بذلك نادرة النوادر وذخيرة الذخائر.

عرضها يوسف بك على دار الكتب الخديوية فقومتها إني لأستحي من ذكر القيمة. . . .