للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن أقولها لكم لتعلموا مقدار تفريطنا. قومتها بخمسة عشر جنيهاً مصرياً. وظننت أن ذلك شيء كثير. وكيف لا وهذا المبلغ يساوي اللف ونصف الألف من القروش أو خمسة عشر ألف مليم: توجه صاحب الجوهرة إلى الغزي مختار باشا فزاده الربع. توجه إلى الإرسالية العلمية الفرنسية بالقاهرة القائمة الآن بجوار دار ناظر المعارف الحالي فضاعفت له الثمن أربع مرات ووعدته فوق هذه المساومة بوسام المجمع العلمي الفرنسي. فقبض الثمانين جنيهاً ولا أدري إذا كان أحرز النشان ولكنه اشترط أن يكتب اسمه ببنانه على تلك النسخة فقبل القوم شرطه وأرسل الكتاب إلى باريس تكميلاً لنصف الدستة وأصبحت نسخه ستة.

روى صاحب تاب الفهرست أن أبا زكريا يحيى بن عدي النصراني المتوفى ببغداد سنة ٣٦٤ قال أنه رأى في تركة إبراهيم بن عبد الله الناقل النصراني كتاب السماع الطبيعي كله لأرسطو مشروحاً بقلم الإسكندر الأفروديسي وعندي قطعة وافرة من (كتاب البرهان) وأنهما عرضا عليه بمائة دينار وعشرين ديناراً فمضى يحتال في الدنانير ثم عاد فأصاب القوم قد باعوا الشرحين في جملة الكتب على رجل خرساني (أعجمي من الفرس) بثلاثة آلاف دينار وكانت هذه الكتب مما يحمل في الكم.

قال القاضي الأكرم الوزير القفطي المصري بهذه المناسبة في كتابه المترجم بتراجم الحكماء المطبوع في ليبسك من أعمال ألمانيا ما نصه:

فانظر إلى همة الناس في تحصيل العلوم والاجتهاد في حفظها والله لو حضرت هذه الكتب المشار إليها في زمننا هذا وعرضت علي مدعي علمها ما أدوا فيها عشر معشار ما ذكر وما كان يقول لو سمع الحكاية التي رويتها لكم عن كتاب الصوفي. نعم إن الخرساني اشترى الكتب بثلاثين ضعفاً وأما الفرنسيين اشتروا كتاب الصوفي بأربعة أضعاف لأنهم لم يجدوا في مصر من يزاحمهم كما جرى في بغداد.

وأقول لكم أن يحيى بن عدي النصراني المذكور كان من أكابر المؤلفين والمترجمين ومحققي الفلاسفة وكان من المغرمين بجمع الكتب ونسخها بيده وكان أوحد دهره ومذهبه من مذاهب النصارى اليعقوبية. رآه ابن النديم في سوق الوراقين فعاتبه على كثرة نسخه فقال: من أي تعجب في هذا الوقت. من صبري؟ قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري وحملتهما إلى ملوك الأطراف وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى ولعهدي