أمام شيخ الإسلام زكريا الأنصاري. وهاك بعض ما ورد في صحيفة الدعوى إنه يسرق من كتبه ويستمد منها وينسب النقل إلى نفسه طالبه شيخ الإسلام ببيان ما ادعاه. فقال أنه نثقل عن البيهقي وله عدة مؤلفات فليذكر أنه نقله عنه. ولكنه رأى ذلك في مؤلفاتي فنقله فكان الواجب عليه أن يقول نقل السيوطي عنه.
ماذا كانت النتيجة؟ انظروا واعجبوا.
صدر الحكم على القسطلاني بالترضية اللازمة للسيوطي وإزالة ما في خاطره.
كيف كان التنفيذ؟
مشى القسطلاني من القاهرة إلى الروضة (جزيرة النيل) وكان السيوطي معتزلاً عن الناس بها فوصل إلى بابه ودقه فقيل له من أنت؟ فقال أنا القسطلاني جئت إليك حافياً ليطيب خاطرك. قال له: قد طاب. ولم يفتح له.
فأين أين ذلك الزمان مما نحن فيه الآن؟ أفرأيتم لو رفع المجني عليهم قضاياهم من هذا القبيل على السارقين الذين فاقوا القسطلاني قولوا لي بربكم هل كانت تكفينا المحاكم الشرعية والبطريركية والأهلية ولمختلطة والقنصلية ولجنات النفي الإداري؟
لعمري أن تجار الأحذية كانوا يفلسون كلهم في يوم واحد لو اقتدى السراق بما فعله القسطلاني!! ولكن التبجح وانتهاك الحرمات وص في زماننا إلى درجة لا مزيد ليها خصوصاً وإن انتشار الطباعة ساعد على نمو هذا الطبع.
وتلك الصناعة قد كان لها أصل عند العرب في مصر والأندلس وإن كان الأثر الناطق بذلك قد ذهب من بلادنا ولكن الإفرنج حفظوه لنا أثابهم الله عنا خير الثواب ووقفنا إلى اقتفاء خطواتهم في النافع بدلاً من تهالكنا على تقاليدهم في كل ضار.
أخبرني الأستاذ الفاضل حقي بك ناصف أنه رأى خشبة محفوظة بمكتبة ويانا عاصمة النمسا في جملة ما ازدانت به من آثار العرب وثمرا عقولهم وهذه الخشبة منقوشة عليها بالتجويف كتابة عربية مقلوبة على الطريقة المألوفة في اصطناع الأختام وأنها كانت مستعملة لطبع الأوامر العسكرية وتوزيعها على الجنود كما هو الشأن في أيامنا هذه في الغازته العسكرية وذلك يستفاد من العبارة المنقوشة عليها وهذه الخشبة يرجع عهدها إلى الفواطم وربما نشر صورتها عن قريب بعض علماء المستشرقين فتكون برهاناً على تولد