سعيد: أخطأت لأن المنطق والنحو واللفظ والإفصاح والإعراب والأنباء والحديث والأخبار والاستخبار والعرض والتمني والحض والدعاء والنداء والطلب كلها من واد واحد بالمشاكلة والمماثلة ألا ترى أن رجلاً لو قال نطق زيد بالحق ولكن ما تكلم بالحق وتكلم بالفحش ولكن ما قال الفحش وأعرب عن نفسه ولكن ما أفصح وأبان المراد ولكن ما أوضح أوفاه بحاجته ولكن ما لفظ أو أخبر ولكن ما أنبأ لكان في جميع هذا مخرفاً ومناقضاً وواضعاً للكلام في غير حقه ومستعملاً للفظ على غير شهادة من عقله وعقل غيره والنحو منطق ولكنه مسلوخ من العربية والمنطق نحو ولكنه مفهوم باللغة وإنما الخلاف بين اللفظ والمعنى وإن اللفظ طبيعي والمعنى عقلي ولهذا كان اللفظ بائداً على الزمان يقفوا أثر الطبيعة بأثر آخر من الطبيعة ولهذا كان المعنى ثابتاً على الزمان لأن مستعملي المعنى عقل والعقل إلهي ومادة اللفظ طينية وكل طيني متهافت وقد بقيت أنت بلا اسم لصناعتك التي تنتحلها وآلتك التي تزهى بها إلا أن تستعير من العربية لها اسماً فتعار ويسلم لك بمقدار وإن لم يكن لك من بد من قليل هذه اللغة من أجل الترجمة فلا بد لك من كثيرها من أجل تحقيق الترجمة واجتلاب الثقة والتوقي من الخلة اللاحقة بك. قال متى: يكفيني من لغتكم هذا الاسم والفعل والحرف فإني أتبلغ بهذا القدر إلى إغراض قد هذبتها لي يونان. قال أبو سعيد: أخطأت لأنك في هذا الاسم والفعل والحرف فقير إلى وصفها وبنائها على الترتيب الواقع في غرائز أهلها وكذلك أنت محتاج بعد هذا إلى حركات كهذه الأسماء والأفعال والحروف فإن أخطأت والتحريف في الحركات كالخطأ والفساد في المتحركات. وهذا باب أنت وأصحابك ورهطك عنه في غفلة على أن ها هنا سراً ما علق بك ولا أسفر لعقلك وهو أنتعلم أن لغة من اللغات لا تطابق لغة أخرى من جميع جهاتها بحدود صفاتها في أسمائها وأفعالها وحروفها وتأليفها وتقديمها وتأخيرها واستعارتها وتحقيقها وتشديدها وتخفيفها وسعتها وضيقها ونظمها ونثرها وسجعها ووزنها وميلها وغير ذلك مما يطول ذكره وما أظن أحداً يدفع هذا الحكم أو يسأل في صوابه ممن يرجع إلى مسكة من عقل أو نصيب من إنصاف فمن أين يجب أن نثق بشيءٍ ترجم لك على هذا الوصف بل أنت إلى أن تعرف اللغة العربية أحوج منك إلى أن تعرف المعاني اليونانية على أن المعاني لا تكون يونانية ولا هندية كما أن اللغات لا تكون فارسية ولا عربية وتركية ومع هذا فإنك