للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول وتسير في هذا النظام إلى سفح الجبل وهناك يتعذر على الثيران سحب النعش فتحمله الرجال فوق أعناقهم ويسيرون به الهوينا إلى باب بالقبر المعد لدفنه حيث يجدون هناك نوع مسطبة يوضع النعش عليها فينصبون صندوق الميت فوق كثيب من الرمل ويجعلون وجهه نو جموع العالم كأنه حلبيته الجديد صحبة أحبابه وكبأنه قد تأهب لوداعهم للدخول في سكنه الجديد هنالك يتجدد البكاء والعويل وتعلو الأصوات بالنحيب والأنين ويرتفع الصياح والصراخ ويأتي أهل الميت بالأزهار فيضعونها فوق صندوقه ثم يعانقونه ويوعونه فتقول الزوجة:

أنا أختك أيها العظيم فلا تتركني فهل تقصد حقيقة أيها الأب العزيز أن أتباعد عنك؟ متى فارقتك صرت وحيداً فهل لك من أنيس يرافقك - أنا أخاطبك أنت الذي كنت تود المزاح معي مالي أراك ساكبتاً لا تتكلم اهـ

تكون جاريها في هذا الوقت جاثية خلفها فتقول:

ها قد أخذ سيدي مني وترك خدمه

ثم تقول النائحات

نوحوا عليه نوحوا وابكوه بلا انقطاع وصيحوا بأعلى أصواتكم (وقولوا) أيها الحالة العظيم المتوجه إلى أرض الخلود لقد نزعت منا فالآن نخاطبك أنت الذي كنت تحب حراك رجليك للمشي مالنا نراك مغلولاً مقيداً مكفناً أنت الذي كان لك الكثير من الملابس الفاخرة وكنت تحب القماش الأبيض مالنا نراك الآن راقداً في ثيابك (التي كانت عليك) بالأمس

لقد أصبح الذي يبكيك (كأنه) يتيم الإمام والقلب محترقاً عليك لما أصابه من الحزن وحائماً حول جثتك

وفي أثناءالبكاء والعويل على الميت يحرق القسيس البخور ويهرق التراب ويقول (هذا) لجثتك أيها المتوفى فلان الصادق القول لدى بالمعبود العظيم عند ذلك تختف الموميا في جدثها وتستقر في ظلمات القبر إلى دهر الداهرين

ولما كان القبر مسكناً للميت كمساكن الدنيا للأحياء رأوا أن يجعلوا سفيه أماكن للزينة ومصلى يأتي فيها أهل الميت بالقرابين والضحايا في كل يوم عيد وفيه أماكن خصوصية لا يدخلها سوى جثة الميت ويزينون داخل تلك الأماكن بالرسوم والكتابة بعد تمليطها ملاطاً