لطيفاً يظهر محاسنها ويجعلون تلك الرسوم ألواحاً متعاقبة يعلو بعضها بعضاً بهندام ونظام حتى تصل إلى السقف فيصورون حرث الأرض والزراعة والحصيد وتخزين الغلال وتربية الحيوانات وصيد البر والبحر ومعامل النجارين وصناع العربات والنقاشين والصناعة والزجاجين والخبازين وتحضير الطعام واستعاد الموائد مرفقة بالأغاني ورقص العوالم ول ذلك طلاسم يعتقدون أنها تتحول إلى حقائق بسر صيغ يتلونها ليتمتع به الميت في قبره فإن اشتهى شيئاً يتغذى فما عليه إلا أن يختار ما شاء من الأبقار أو الأشياء الأخرى المرسومة في قبره ومتى وقع نظره عليها تحولت إلى حقيقة وتلذذ بها كما كان يتلذذ في دار دنياه تلك هي عقائدهم التي ساقتهم إلى زخرف المقابر ولذلك ترى في رسومهم صورة صاحب القبر قد أخذت فخذ الثور من يد خادمها وتغذت منه هذا بما تفعله أموات فقرائهم.
أما أموات الأغنياء وأرباب المظاهر فإنهم لا يحتاجون غالب الأحيان في أوائل موتهم إلى شيء من المرسوم على جدران القبور لأن أهلهم وذويهم يقدمون لهم في المواسم وغيرها ما تشتهيه أنفسهم من المآكل والمشارب فيذبحون الضحايا من بقر وإوز ويقدمون بالنبيذ والجعة وغيرهما إلى أمون أو سوريس أو فتاح أوخونسو فيأخذ المعبود شيئاً منها لنفسه ويرسل الباقي إلى الميت المراد تلك القرابين ومن ثم وجدت الأوقاف على الموات وبنوها على شروط كانوا يبرمونها مع قسوس المعابد هؤلاء يقدمون ما هو موقوف للقبر من الأشياء ويقومون بالصلوات والدعوات في الأوقات المعينة وعليه كانت العنابية بإحياء ذكر الأموات من الأمور المهمة عندهم لكن مع وجود هذه العناية ومرور المدد الطويلة على الأوقاف كان ينتهي أمرها بالانقطاع إما لانقراض العائلة واندراسها أو تبديد الأوقاف عقب الانقلابات الكبيرة وبذلك ينقطع الوارد عن الميت فعندئذٍ لا يجد أمامه إلا ما هو مرسوم فوق جدران قبره لكن كيف يتسنى للميت لقيام والقعود واستمرار الحركة مع أن الموت أفقد ذلك والتبصير حول جثته إلى جسم حراك له ولا قدرة فلا يستطيع المشي ولا بالتكلم ولا النظر ولا تأدية شيء من الوظائف التي عليها مدار الوجود فلأجل خلاص الجثة من هذه المقيدات المعطلة لعامة حركات الجسم أوجدوا طريق يسمونها (فتح الفم) وهي أن رئيس القسوس وأعوانه وهم أولاد حوربس يوقفون الجثة المحنطة فوق كثيب من الرمل في آخر