للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يريد أن يوبخ أدعياء اللغة والإنشاء الذين ينتقصون غيرهم. ويعمون عن عيوب أنفسهم.

إذا قلنا أن المصحح سها عن تصحيح كلمتين أو ثلاث فهل يعقل أن يكون ركبه السهو في كل جمل المقالة فحرفها تلعب بها. ودونك هذه الجملة الأخرى: وقليل من البحث يرجعها_أي الكلمات العامية_إلى أصلها. ويقيم مكن اللسان مناداه. على ما وقع من نحو خمسين عاماً إلى اليوم إذ توكف المجتهدون أثر بلغاء العربية الأقدمين وتنشطوا للبحث والتنقيب وأقبلوا على التدقيق والتحقيق وقد ترجع مثابرتهم اللغة إلى رونقها الأول بعد خمسين عاماً تأتي الجملة بمجموعها ركيكة ظاهر عليها التكلف. ولعله يريد بقوله توكف المجتهدون أثر البلغاء_تتبعوا. فيقال فلان توكف لآل فلان اذا تعهدهم بالصلات والعطايا. وفلان يتوكف للأمير أي يتعرض لها حتى يلقاه. وقوله: مثابرة اللغة وصوابه على اللغة لأن لمثابرة معناها المواظبة. وهما يتعديان بعلى يقال: ثابرت على الأمر وواظبت عليه. على أن المعهود في مثل ما يريده الكاتب أن يقال المثابرة على خدمة اللغة أو دراسة اللغة لا المثابرة على اللغة. ثم انحنى الكاتب باللائمة على المدارس الأجنبية التي توجب على تلاميذها التخاطب بلغتها وقال وبذلك بتسرب العقوق وشيءٍ من البله إلى قلوب وعقول هؤلاء الأولاد المساكين قد نجد لتسرب العقوق إلى العقول معنى لكننا لا نجد أبداً لتسرب البله إلى عقولهم معنى ولا شبه معنى بسبب التخاطب باللغات الأجنبية.

ثم قال الكاتب إن البلاء ليس في الإدعاء وحده بل في اختزال كل منا برأيه. والتصرع والتصاغر للأجنبي والتمرؤ الظاهر تكلفه والتفوق البادي تحيفه مع الوطني وريح التخاذل حتى في اللغة تنجف كل ذروة باقثية في جرفها وتحتمل كل درة كنا نعرفها قبل عصفها. ولله في تدابيره شؤون. .

وأغرب من ذلك أن حضرة الكاتب أراد أن يذكر عيوباً للغة فقد منها عيباً يعده قوم مزية من مزايا اللغة ويحسبه الآخرون أمراً طبيعياً لا تخلو منه لغة من.

(ومن عيوب العربية إيراد جموع لا مفرد لها وأفعال لا مصدر ولا ماضي لأحدها. فهل تقبل فلسفة اللغة شيئاً من هذا؟ وهل يعقل أن واضعي اللغة ينو كلاً من غير أجزءا؟ إننا لا ننسب هذا الخلل إلا إلى المدعي المحافظة على سلامة اللغة أو يكونون يحافظون على قديم عقيم لا يسلم به عقل سليم).