للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا نرى علاقة بين فلسفة اللغة وبين أن يكون في العربية موع لا مفرد لها: عدد أهل اللغة طائفة من الجموع لم يعرف منها مفرد: مثل محاسن ومذاكير وتجاليد. فذهب بعضهم إلى أنها لا مفرد لها. وحقق آخرون أن لها مفردات أهملت في الاستعمال. وربما كان المراد من قول الأولين (لا مفرد لها) أي في الاستعمال لا الوضع فلا يكون بين الفريقين خلاف.

ولا بد من داع دعا أهل اللغة إلى إهمال تلك المفردات. وقد قالوا أن جمع كلمة (لب) (ألباب) لكنهم لما رأوا الجمع أرشق في اللفظ وأخف على السمع أكثروا من استعمال الجمع وإهمال مفرده وهكذا كان دأب القرآن الكريم في استعمال الجمع دون المفرد.

ومثل هذا يقال في الفعل الذي لم يستعمل مصدره أو لم يستعمل ماضيه.

فليست المسألة إذن من مسائل الفلسفة. وإنما هي مسائل تخير أرشق كلمات اللغة للتخاطب والتفاهم.

وفلسفة اللغة لا يصح أن يكون التعمق فيها مدعاة للإجادة في المنظوم والمنثور. كما كرره الكاتب في مقاله: فإن تلك الفلسفة علم نظري أكثر مما هو عملي. وله ثمرة خاصة به غير تجويد الإنشاء وتحبير الكلام الذي يتوقف على استظهار كثير من كلام البلغاء وإطالة النظر في أساليبهم والتفطن لمناحي كلامهم. هذا هو الطريق لتحصيل ملكة الإنشاء. أما فلسفة اللغة فلا يكون من أثرها ذلك بل كان ربما للاشتغال بها اسوا الأثر في ضعف تلك الملكة والعجز عن تحدي الكلام البليغ.

وقد غلا حضرة الكاتب في الرفع من شأن فلسفة اللغة والحط من قدر زملاءه الكتاب الذين لم ينالوا حظاً من تلك الفلسفة حتى قال:

(نحن ابعد أبناء اللغات الحية عن وضع الكلام في مواضعه وإقامته في مواضعه لأننا لا ندرس فلسفة اللغة بل لأن أكثر أصحاب الجرائد والمجلات والمترجمين والمؤلفين من غير الأكفاء إلا بالتبجح والادعاء. أو أن اللغة أمست واسطة للكسب والارتزاق حتى بالعبث والنفاق).

فقد جعل حضرته علة تقصير أخوانه في وضع الكلام مواضعه جهلهم فلسفة اللغة. فهل هذا حق؟.

ومما انتقده الكاتب قولهم (دام بقاؤه) فقال (إن طلب الدوام. حماقة وحرام) وأنهم في مثل