على مقربة من مدريد فأصبح اليوم جافاً، وأنهم ليمزجون في إقليم اراغون الرمل بالخمر بدل الماء عندما يريدون أن يجبلوا الطين، فنفوس البلاد وعظمتها على نسبة غناها بغاباتها، وبلاد روسيا أكثر أوروبا غابات فإن أربعين في المئة من أراضيها مغشى بالأشجار و١٦ في المئة من أرض فرنسا وأرض إيطاليا مغشاة بالأشجار و ٢٤ في المئة من ارض المانيا و٦ في المئة من أرض البرتغال و٥ في المئة من أرض فارس و٣ في المئة من ارض إسبانيا وبلاد اليابان أكثر بلاد الدنيا غابات، وتبلغ مساحة الغابات في الولايات المتحدة خمسة أضعاف مساحة فرنسا ويحرق منها ي السنة نحو ثلثمائة هكتار وكثيراً ما يلتهم قسم من غابة فتبقى الأيام مشتعلة وربما حرقت فيها قرى بسكانها كما حدث في حريق البحيرة العالية وحدث هذه السنة فدام الحريق أياماً ذهبت فيه مئات الألوف من الليرات.
ليس من جميع النباتات التي تنبتها الأرض ماعدا الحنطة التي هي أول المواد اللازمة لغذائنا نبات ضروري لنا كالغابات نافع يحمد اثره: فللشجرة منافع كثيرة وتأثير عظيم في الأنواء والحوادث الجوية في كل قطر فهي تصفي مياه الامطار وتعيدها ببطء إلى الينابيع والهواء وتحول بورقها وجذوعها دون جريتها سريعاً فالاشجار لا تمسك الماء فقط بل تجذبه ثم تنظم هطول الأمطار وتقلل من الفيضان وتبقى التربة في ظل الأشجار ندية خلال أيام القيظ، ونظام الغابات نظام للاهوية، فالشجرة تقي التربة من صدمات قطرات المطر والبرد فيكثر في الشتاء الثلج على قمم الجبال وتحول جذوع الأشجار وأغصانها دون سقوطها وتطيل مدتها وتذوب ببطء وتغسل القشرة الرقيقة تحت سطح الأرض وتمد الينابيع وتعطي مزروعات الأودية الرطوبة اللازمة لها، وإن جذوع الأشجار في العقاب والتلعات لتمسك التربة عن الانهيال وتقبض الصخور المفككة وتحول دون انهيار التراب.
وكم من أشجار هي مأوى الماشية منذ قرون وحامية حياة الإنسان كما هي حامية الهوام والحيوان وكثيراً ما تنبت الرياحين والورود في أطرافها كما أن الأشجار تمسك الحميات وتمتص رطوبة المستنقعات وتطهر هواء الاقليم بفضل حفيفها المنبعث من اكتظاظ الصخور الشجراء، ولقد صدق من قال من عشاق الأشجار تأتينا الشجرة بالماء ومن الماء يصير مرج والمرج يغذي الماشية ومن الماشية ينشأ السماد ومن السماد الحنطة.