أشكالاً ويذوقون البلوى ألواناً حتى بيع رغيف الخبز بدولار. ولم تنحصر الفاجعة الأليمة في عروس الباسيفيك بل قد امتد خطبها الفادح إلى غيرها من البلاد المجاورة فألحقت بها أضراراً فاحشة ولما حلت هذه الكارثة واتصلت أنباؤها المشؤومة بالشعب الأميركي الغيور قامت البلاد بأسرها تجمع الأموال وتبعث بها وبالمآكل والملابس إلى المنكوبين فخففوا عنهم وطأة الخطب وبرهنوا لهم بمروءتهم وغيرتهم أنهم شركاؤهم بالضراء وأن الأموال التي جمعت ترجع مجد مدينة المغرب وأن الشعب النشيط الذي أصبح في مدة قرن في مقدمة شعوب الأرض بالنفوذ والثروة والتمدن والذي عمر القفار وأقام المدن والأمصار يستطيع أن يبني على أنقاض سدوم العالم الجديد مدينة من أجمل مدن العالم.
ولقد بلغت الإعانات التي قدمت إلى منكوبي سان فرنسيسكو حتى الآن ثلاثمائة مليون دولار وتبرع كثير من كبار المتمولين الأميركيين كل منهم بمائة ألف دولار وتبرع مجلس الأمة في العاصمة (واشنطن) بمليون دولار وكثير من أفراد الأمريكان الموسرين تبرع كل منهم بالمبالغ الكثيرة. ومما يذكر أن محسناً دفع إلى حاكم مدينة نيويورك خمسة وعشرين ألف دولار لمنكوبي سان فرنسيسكو ولم يذكر اسمه.
وقد قررت خسائر سان فرنسيسكو بـ ٣٥٠ مليون دولار. وكانت أشدها وطأة على ١٧ غنياً وغنية من الفرنسيسكيين فخسروا وحدهم ٩٧ مليون دولار. وكانت خسارة السوريين في الكارثة ٣٢ ألف دولار ولم يفقد منهم أحد وقدر الهالكون من الأميركيين بألفي نفس. وأما قيمة الأرزاق المضمونة في سان فرنسيسكو فهي ٢٦٨ مليون دولار إذا رفعت شركات الحريق المبلغ برمته تضطر خمس عشرة شركة منها إلى إشهار إفلاسها.
هذا وأن حريق سان فرنسيسكو أعظم ما حدث من نوعه حتى الآن في الولايات المتحدة باعتبار خسارة المال والأنفس. فحريق شيكاغو الذي حدث في يومي الأحد والاثنين الواقعين في ٨ و٩ تشرين الأول (أكتوبر) عام ١٨٧١ أتلف من الأرزاق ما قيمته مائتا مليون دولار. على حين كان عدد البنايات التي أكلتها النار ٧. ٤٥٠ بناية. ومساحة البقعة التي جرى فيها الحريق ٧٣ ميلاً. أما مساحة البقعة التي حدث فيها الحريق في سان فرنسيسكو فهي ٢٦ ميلاً وكذلك حريق بالتمور وبوسطن وكالفستن لا يحسب شيئاً بالنسبة إلى حريق سان فرنسيسكو. أما الزلازل التي حدثت في سان فرنسيسكو في ١٨ نيسان سنة