وليس للقارئ ان يتطلب اعجاب السامعين به فيصفقوا له ويشكروه بل عليه ان يفنى امام من ينقل قوله بلسانه فيكون لسان حاله الامين فقط وهو وسامعوه على مستوى واحد من هذه الوجهة فليس له إلا أن ينكر نفسه وبذلك يضمن له النجاح.
ولا تتأنى للقارئ افادة سامعه إلاه إذا شعر بما يقرؤه واحبه ليحببه إلى النفوس اما التصنع من المربي فهو اسلوب مضر متى فاجأه فيه تلاميذه تفقد منه الثقة والالفة اللتان هما شرط في نفوذه عليهم وليس اجدر من السير مع الفطرة والطبع في التلاوة وان يتحد بروح المؤلف وذاته وجوهره.
بنظر في كلام المؤلفين إلى العصور التي قالوها فيها ليعلم انهم ثمرة تلك القرون التي عاشوا فيها فلا يأبى عليهم القارئ ذلك لئلا يخدعهم وبغشهم ولكن كلام الاعاظم نافع في كل زمن لانهم يكتبون كتابة تنفع على غابر الدهر يكتبون والمستقبل نصب اعينهم متوخين الكمال المطلق وعلى هذا فعلى القارئ أ، لا يكتفي بابلاغ احساسه الخاص بل ان يظهر الامور التي يذهب الكاتب على جليتها ولا يتيسر له ان يستعبد سامعيه إلا إذا خاطب حواسهم كما يخاطب قلوبهم واهانهم وان يبهجهم بثقة لسانه ولا يفوته أن الالسن خلقت لتتكلم فقد كتب البشر اللغة المحكية قبل ان ينطقوا باللغة المكتوبة.
ولجودة الصوت شأن عظيم في التلاوة فالواجب ان تخرج الكلمات على ايسر وجه ورنين واطلاق وان يتلو الانسان منتصباً على رجليه ما امكن أو مستنداً على مؤخر كرسيه وان يفخم الكلام بقدر ما يعطي من دون اكراء ويكون جرسه صريحاً غنياً لطيفاً رخيماً، وغريب كم للطف الصوت من تأثير في مجامع قولب السامعين واعدادهم لتلقي الافكار فان من اهم الاجزاء الجوهرية في الالقاء جردة التنفس فالواجب ان يكون التنفس حراً لا قليلاً ولا كثيراً لطيفاً لا يشعر به.
ثم تجب العناية بالتلفظ ومعلوم كم هو ينفع ويضر، ورب خطاب جميل اضر به فساد اللفظ ولاختلاف التلفظ في علائق الناس نفوذ حقيقي كثيراً مالا يقبل النسبة مع قدر هذا الخلق العقلي، والتلفظ على وجه عام يدل على المحيط الذي عاش فيه الانسان والقدر من التربية التي بلغها فهو نمام ينم عليك لمن لم يعرفك، إذاً فينبغي صرف الجهدان يكون اللفظ صريحاً صحيحاً ظريفاً، واهم جزء في هذا الباب اخراج الحروف من مخارجها وهناك امر