يطب الناس بل هؤلاء أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين قال وكان شيخنا شديد الإنكار على هؤلاء فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: اجعلت محتسباً على الفتوى: فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب انتهى.
دلالة العالم للمستفتي على غيره
قال ابن القيم: هذا موضع خطر جداً فلينظر الرجل إلى من يدل عليه وليتق الله فإنه إما معين على الإثم والعدوان وإما معين على البر والتقوى وقد سأل الحافظ أبو داود - صاحب السنن - الإمام أحمد عن رجل يسأله عن مسألة فيدله على من يسأله فقال: إذا كان يعني الذي أرشده إليه متبعاً ويفتي بالسنة:
وذكر بعد ورقات أنه إذا علم أن السائل يدور على من يفتيه بغرضه في تلك المسألة فيجعل استفتاءه تنفيذاً لغرضه لا تعبداً لله بأداء حقه فلا يسعه أن يدله على غرضه أين كان بل أن علم المفتي فيها نصاً عن الله ورسوله فلا يسعه تركه إلى غرض السائل وإن كانت من المسائل الاجتهادية ولم يترجح له قول لم يسغ له أن يترجح لغرض السائل وهذه المسألة جديرة بالمحافظة عليها وليرجع إلى تتمتها في كلامه.
هل يقول المفتي في المسألة قولان ونوادر في ذلك
قال الإمام ابن القيم في الأعلام: لا يجوز للمفتي تخيير السائل وإلقاؤه في الإشكال والحيرة بل عليه أن يبين بياناً مزيلاً للإشكال متضمناً لفصل الخطاب ولا يكون كالمفتي الذي سئل عن مسألة في المواريث فقال: يقسم بين الورثة على فرائض الله عز وجل: وكتبه فلان:
وسئل آخر عن صلاة الكسوف فقال: تصلي على حديث عائشة.
وسئل آخر عن مسألة من الزكاة فقال: أما أهل الايثار فيخرجون المال كله وأما غيرهم فيخرج القدر الواجب عليه.
وسئل آخر عن مسألة فقال: فيها قولان، ولم يزد.
قال أبو محمد ابن حزم وكان عندنا مفت إذا سئل عن مسألة لا يفتي فيها حتى يتقدمه من يكتب فيكتب هو: جوابي فيها مثل جواب الشيخ، فقدر أن مفتيين اختلفا في جواب فكتب