تحت جوابهما: جوابي مثل جواب الشيخين، فقيل له أنهما قد تناقضا فقال: وأنا أتناقض كما تناقضا.
قال ابن القيم: وكان في زماننا رجل مشار إليه بالفتوى وهو مقدم في مذهبه وكان نائب السلطان يرسل إليه في الفتاوى فيكتب: يجوز كذا أو يصح كذا أو ينعقد كذا بشرطه، فأرسل إليه يقول: فأتينا فتاوى منك فيها: يجوز أو ينعقد أو يصح بشرطه نحن لا نعلم شرطه فإما أن تبين شرطه وإما أن لا تكتب ذلك قال وسمعت شيخنا - ابن تيمية - يقول: كل أحد يحسن أن يفتي بهذا الشرط وهذا ليس بعلم ولا يفيد سوى حيرة السائل وتنكده.
(وكذلك) قول بعضهم في فتاويه: يرجع في ذلك إلى رأي الحاكم: قال فياسبحان الله: لو كان الحاكم شريحا وأشباهه لما كان مرد أحكام الله ورسوله إلى رأيه فضلاً عن حكام زماننا والله المستعان.
وسئل بعضهم عن مسألة فقال: فيها خلاف: فقيل: كيف يعمل المفتي (فقال) يختار له القاضي أحد المذهبين.
قال عمرو بن الصلاح كنت عند أبي السعادات ابن الأثير الجزري فحكى لي عن بعض المفتين أنه سئل عن مسألة فقال: فيها قولان فأخذ يزري عليه وقال: هذا حيد عن الفتوى ولم يخلص السائل من عمايته ولم يأت بالمطلوب، وللبحث تتمة فليرجع إليه في كلامه رحمه الله.
أجناس الفتيا التي ترد على المفتين
قال الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين: المفتي إذا سئل عن مسألة فإما أن يكون قصد السائل فيها معرفة حكم الله ورسوله ليس إلا، وإما أن يكون قصده معرفة ما قاله الإمام الذي شهر المفتي نفسه باتباعه وتقليده دون غيره من الأئمة، وإما أن يكون مقصود، معرفة ما ترجح عند ذلك المفتي وما يعتقده فيها لاعتقاده علمه ودينه وأمانته فهو يرضى بتقليده هو وليس له غرض في قول أمام بعينه، فهذه أجناس الفتيا التي ترد على المفتين.
فغرض المفتي في القسم الأول أن يجيب بحكم الله ورسوله إذا عرفه وتيقنه لا يسعه غير ذلك.
أما في القسم الثاني فإذا عرف قول الإمام بنفسه وسعه أن يخبر به ولا يحل له أن ينسب