إليه القول ويطلق عليه أنه قوله بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أو طالعها من كلام المنتسبين إليه فإنه قد اختلطت أقوال الأئمة وفتاويهم بأقوال المنتسبين إليهم واختياراتهم فليس كل ما في كتبهم منصوصاً عن الأئمة بل كثير منه يخالف نصوصهم، وكثير منهم لا نص لهم فيه، وكثير منهم يخرج على فتاويهم، وكثير منهم أفتوا به بلفظه أو بمعناه.
فلا يحل لأحد أن يقول هذا قول فلان ومذهبه إلا أن يعلم يقيناً أنه قوله ومذهبه فما أعظم خطر المفتي وأصعب مقامه بين يدي الله تعالى.
وأما القسم الثالث فإنه يسعه أن يخبر المستفتي بما عنده في ذلك مما يغلب على ظنه أنه الصواب بعد بذل جهده واستفراغ وسعه ومع هذا فلا يلزم المستفتي الأخذ بقوله وغايته أنه يسوغ له الأخذ به، فلينزل المفتي نفسه في منزلة من هذه المنازل الثلاث وليقم بواجبها فإن الدين دين الله والله سبحانه لا بد سائله عن كل ما أفتى به والله المستعان.
ولا يخفى أن في القسم الأول ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص بل هو اللازم ما أمكنه فإنه يتضمن الحكم والدليل مع البيان التام وقد كان هو عصمة الصحابة واصلهم الذي يرجعون إليه وقد أسهب في ذلك بما لا يستغنى عنه فليراجع.
استعانة المفتي بمراجعة كتب المذاهب واختلاف الأئمة
في جمع الجوامع وشرحه ونرى أن الشافعي ومالكاً وأبا حنيفة والسفيانيين الثوري وابن عيينة وأحمد ابن حنبل والاوزاعي واسحق ابن راهويه وداود الظاهري وسائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم في العقائد وغيرها وقال الشعراني في الميزان وقد أجمعوا على أنه لا يسمى أحد عالماً إلا أن بحث عن منازع أقوال العلماء وعرف من أين أخذوها من الكتاب والسنة: وقال إن الشريعة كالشجرة العظيمة المنتشرة وأقوال علمائها كالفروع والأغصان وقال إن الشريعة المطهرة جاءت شريعة سمحة واسعة شاملة قابلة لسائر أقوال أئمة الهدى من هذه الأمة المحمدية وأن كلا منهم فيما هو عليه في نفسه على بصيرة من أمره وعلى صراط مستقيم وأن اختلافهم إنما هو رحمة بالأمة وقال نقلاً عن الإمام الزركشي في آخر كتاب القواعد له ما مثاله: إن مطلوب الشرع الوفاق ورد الخلاف إليه ما أمكن كما عليه عمل الأئمة من أهل الورع والتقوى كابي محمد الجويني وإضرابه فإنه