صنف كتابه المحيط ولم يلتزم فيه المشي على مذهب معين انتهى ثم قال الشعراني، وقد بلغنا أنه كان يفتي الناس بالمذاهب الأربعة الشيخ الإمام الفقيه المحدث المفسر الأصولي الشيخ عبد العزيز الديريني وشيخ الإسلام عز الدين ابن جماعة المقدسي والشيخ العلامة الشيخ شهاب الدين البرلسي والشيخ علي النبتيتي الضرير، ونقل الشيخ الجلال السيوطي رحمه الله عن جماعة كثيرة من العلماء أنهم كانوا يفتون الناس بالمذاهب الأربعة لا سيما العوام الذين لا يتقيدون بمذهب ولا يعرفون قواعده ولا نصوصه ويقولون حيث وافق فعل هؤلاء العوام قول عالم فلا بأس به انتهى وذكر التاج السبكي في طبقات الشافعية في ترجمة إمام الحرمين ما مثاله والإمام لا يتقيد بالأشعري ولا بالشافعي لا سيما في البرهان وإنما يتكلم على حسب تأدية نظره واجتهاده: وذكر في ترجمة أبيه الجويني أنه ألف كتاباً سماه المحيط لم يتقيد فيه بمذهب وأنه التزم أن يقف على مورد الأحاديث لا يتعداها ويتجنب جانب العصبية للمذاهب: كما قدمه الشعراني، وذكر في ترجمة ابن جرير أن المحمديين الأربعة - ابن جرير وابن خزيمة وابن نصر وابن المنذر كانوا يذهبون مع اجتهادهم المطلق وكان كل منهم مجتهداً مطلقاً لا يقلد أحداً ولهم من الاختيارات ما دونه السبكي في تراجمهم وهذا باب يطول استقصاؤه وقد عد السيوطي في حسن المحاضرة من المجتهدين في مصر وحدها ما أضاف على السبعين فيكيف بغيرها وكل من هؤلاء إنما كان يفتي بما يؤديه اجتهاده وكان يتفق لكثير من هؤلاء وأمثالهم من جمع الكتب المنوعة للاستفادة بما فيها ما يدهش وقد حكى السبكي في طبقاته في ترجمة الإمام عبد السلام ابن بندار أنه دخل إلى بغداد من مصر ومما معه عشرة جمال عليها كتب بالخطوط المنسوبة في فنون العلم وقال الشعراني أيضاً: إن كل مقلد اطلع على عين الشريعة المطهرة - أدلتها - لا يؤمر بالتقيد بمذهب واحد وربما لزم المذهب الأحوط في الدين مبالغة منه في الطاعة، وإلى نحو ما ذكرناه أشار الإمام الأعظم أبو حنيفة رضي الله عنه بقوله، ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي فعلى الرأس والعين وما جاء عن أصحابه تخيرنا وما جاء عن غيرهم فهم رجال ونحن رجال، ثم قال إذا علمت ذلك فيقال لكل مقلد امتنع عن العمل بقول غير إمامه في مضايق الأحوال امتناعك هذا تعنت لا ورع لإنك تقول لنا أنك تعتقد أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم لاغتراف مذاهبهم من