بالاتحاد الاجتماعي وله في السياسة المثبتة وترقي البشر كثير من الأفكار الخطيرة ولكنه لم ينها عن محاكمة منطقية بل هي أِبه بتخيلات الشعراء.
هذا الفيلسوف القديم سحر كونت فلم يستطع أن يفكر في حقيقته إلا بعد أن فارقه حتى أنه لقبه بالممخرق في حديث له بعد أن انقطعت أواصر ودهما ولم يستطع إلا أن يعترف بنفوذه عليه وتأثيره في تربيته الفلسفية واشتدت وطأة التأثير على كونت حتى ناء بها وهنأ نفسه يوم مغادرته سيمون بخلع هذا النير عن عاتقه.
وتعرف ما كان للفيلسوف الشيخ من اليد عند كونت من كتاب بعث به الأخير إلى صديق له يقول فه: إن سيمون أراني الخطة الفلسفية التي أسلكها فأنا مطرد السير فيها كل عمري غير ملتفت إلى ورائي وهذا الاعتراف الصريح لا يحط من قدر كونت ولا يناقض أرجحيته العقلية وتفوقه بدرجات على صديقه الشيخ ولا ينقص من قدره أنه أخذ كثيراً من أفكاره التي أقام عليها بناءه الفلسفي من أفكار سيمون المضطربة وخلاصة القول أنه لا يصح أن نعد كونت تلميذاً لسان سيمون ولا مقلداً له وكل ما في الأمر أن الشيخ أوقف صديقه الشاب على نقطتين مهمتين كان لهما الشأن الأكبر في فلسفة الأخير أولاهما أن الحوادث السياسية هي كالحوادث الطبيعية يمكن جمعها وربطها بقوانين مقررة وثانيتهما أن غرض الفلسفة الأصلي البحث في القضاء الاجتماعي فتناول كونت هذا المبدأ وتوسع في بسطه وشرحه توسعاً لم يخطر للشيخ في بال.
دامت صحبة الرجلين ست سنوات ثم بدأ بالانحلال لما أوقر كونت من سلطة سيمون الثقلية وما دخل على نفس الشيخ من القهر والحسد لما رأى ميزة الشاب عليه بمداركه ومواهبه وحدثت ثمت حادثة قطعت العلائق التي رثت ووهت وملخصها أن سان سيمون نشر كتاباً في الاجتماع انتحل فيه معظم أفكار كونت لنفسه فغضب الأخير وعاتب صديقه عتاباً مراً ولم يكن سبيل للتوفيق بين الرجلين فكان فراقهما أبدياً.
وتزوج كونت سنة ١٨٣٥ فزاد ذلك في أسباب تعاسته وشاءه لأن أسرته وهي شديدة التعصب للملكية والكاثوليكية أغضبها زواجه المدني فأقلقته باحتجاجها إلا أن ذلك لم يمنعها من الاحتفاء بزوجته وشخص العروسان إلى مون بيليه فأقاما فيها هنيهة سئمت الزوجة فيها عيشة القرية ذات النسق الواحد وبدأ نزاع انتهى بفراق الزوجين كما سيجيء وقد كتب