للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبيعية وسعتها وامتدادها وقوة جاذبيتها إلى غير ذلك من المعلومات التي بلغها بالوسائل الرياضية وغرض الرياضيات مقايسة الكميات وتقديرها بالواسطة وذلك يدرك بمعرفة النسبة بينها فالرياضيات إذن علم تستخرج بواسطته الكميات المجهولة من الكميات المعلومة للمناسبات الصريحة الموجودة بينها.

ما هي الكمية؟

عرف الرياضيون الكمية أنها ما يقبل الزيادة والنقصان ويمكن تقدير بالوحدة القياسية.

فالعدد والطول والسطح والحجم والزمان والمكان وسرعة الجسم ووزنه وغيرها من الأركان الداخلة في الحوادث الطبيعية هي كميات لتوفر صفتي الكمية فيها وقد اكتفى الرياضيون بالمعلومات النسبية فلم يخطر لهم ذات يوم أن يبحثوا في ماهية المكان والزمان والمادة لأنها الأسس التي تقوم عليها المعارف البشرية فليس في الوسع أن تثبت أو تعرِّف ولهذا السبب حصر الرياضيون في كشف النواميس التي تؤثر في هذه الكيات وإظهار النسبة بين ما اجتمع منها في حادثة واحدة بدون أن يحاولوا بلوغ معلومات مطلقة.

والرياضيات تثبت لنا أن في وسعنا بعض الكميات الداخلة في إحدى الظواهر الطبيعية من البعض الآخر إذ لا بد من وجود روابط بينها ولم يشهد الناس حتى اليوم ظاهرة فقدت فيها هذه الروابط ولكنها قد تدق حتى يتعذر على الباحث اكتشافها.

إذا أبدلنا كلمة كمياتفي تعريف الرياضيات بكلمة حوادث كان لنا تعريف العلم الحقيقي فهو ما أوضح بعض الحوادث ببعضها الآخر مستنداً في ذاك على العلاقات الموجودة بينها. وكل علم يجمع طائفة من الحوادث ويؤلف بينها ويستخرج من جمعها نواميس عامة ويضع قواعد إذا جرينا عليها عرفنا نتائج حادثة بقياسها على حادثة ثانية من نوعها فإذا عجز عن ذلك لم تصح تسميته علماً.

ثم أننا إذا جعلنا كلمة النواميس الطبيعية بدلاً من العلاقات بين الحوادث كان ذلك أصح وقد خدمت الرياضيات في تعيين هذه العلاقات فوق خدمة كل ما سواها من العلوم فهي تدلنا على أقصى ما يراد بالعلم وإذا شئنا أن نقع على فكر صحيح في تحديده وجب علينا الرجوع إلى الرياضيات فإن الأصول العامة التي يقتضي أن يسري عليها الفكر في الأبحاث لا نصادفها في غير الرياضيات وليس من علم آخر يماثلها في حل المسائل حلاًّ