قال ابن شرف: فأنت ترى هذا الاتفاق لما كانت القافية واحدة والقصد واحداً. ولقد قال من حضر ذلك اليوم ما ندري مم نعجب أمن سرعة البديهة أم من غرابة القافية أم من حسن الاتفاق.
وحكى المؤلف المترجم له أيضاً في كتابه المذكور قال: استخلانا المعز يوماً وقال أريد أن تصنعا شعراً تمدحان به الشعر الرقيق الخفيف الذي يكون على سوق بعض النساء فإني أستحسنه وقد عاب بعض الضرائر بعضاً به وكلهن قارئات كاتبات فأحب أن أريهن هذا وأدعي أنه قديم لاحتج به على من عابه وآسي به من عيب عليه. فانفرد كل منا وصنع في الوقت فكان الذي قلت:
وبلقيسية زينت بشعر ... يسير بها ما يهب الشحيح
رقيق في خدلجة رداح ... خفيف مثل جسم فيه روح
حكى زغب الخدود وكل خد ... به زغب فمعشوق مليح
فإن يك صرح بلقيس زجاجاً ... فمن حدق العيون لها صروح
وكان الذي قال ابن رشيق:
يعيبون بلقيسية أن رأوا لها ... كما قد رأى من تلك من نصب الصرحا
وقد زادها التزغيب ملحاً كمثل ما ... يزيد خدود الغيد تزغيبها ملحا
فانتقد المعز على ابن رشيق قوله يعيبون وقال: أوجدت لخصمها حجة بأن بعض الناس عابه فانظر ما ألطف هذه المناضلات وما أحلى هذه الحكايات ولولا خوف الإطالة لزدنا من هذه طرفاً تروق الخاطر.
واستمر ابن شرف على خدمة المعز إلى أن زحف عرب الصعيد من هلاليين ورياح وغيرهم واستولوا على غالب القطر التونسي بعدما خربوه ودمروه واضطر الأمير المعز إلى ترك القيروان أمام تلك القبائل المتوحشة (سنة ٤٩ هـ -) وفر إلى المهدية واتخذها دار ملكه وقد تبعه إليها شعراؤه وحاشيته. وفي خلاء القيروان يقول ابن شرف من قصيدة