رنانة:
بعد خطوب خطبت مهجتي ... وكان وشك البين أمهارها
ذا كبد أفلاذها حولها ... وقسمت الغربة أعشارها
أطفالها ما سمعت بالفلا ... قط فعادت الفلا دارها
ولا رأت أبصارها شاطئاً ... ثم جلت باللج أبصارها
وكانت الأستار آفاقها ... فعادت الآفاق أستارها
ولم تكن تعلو سريراً علا ... إلا إذا وافق مقدارها
ثم علت فوق عشور الخطا ... ترمي به في الأرض أحجارها
ولم تكن تلحظها مقلة ... لو كحلت بالشمس أشفارها
فأصبحت لا تتقي لحظة ... إلا بأن تجمع أطمارها
وأقام ابن شرف مدة بالمهدية مع زمرة شعراء الملك يخدم الأمير المعز وابنه تميماً إلى رحل عنها قاصداً جزيرة صقلية لما سمع عن كرم أميرها وإليها لحقه رصيفة ابن رشيق وقد قدمنا أنه كان وقع بينهما بالقيروان ما وقع بين جرير والفرزدق أو بين الخوارزمي وبديع الزمان. فلما اجتمعا بصقلية تسامحا وأقاما بها زمناً ثم استنهض يوماً ابن شرف رفيقه على جواز الأندلس فأنشد حينئذٍ ابن رشيق البيتين المشهورين بين الخاص والعام:
مما يزهدني في أرض أندلس ... سماع مقتدرٍ فيها ومعتضد
ألقاب سلطنة في غير مملكة ... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
فأجابه ابن شرف بديهة:
ان ترمك الغربة في معشر ... قد جبل الطبع على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم
واجتاز ابن شرف وحده الأندلس وسكن المرية وغيرها وتردد على ملوك طوائفها كآل عباد بميلية وغيرهم وبهذه المدينة الأخيرة كانت وفاته سنة ٤٦٠ هـ (١٠٦٧ مسيحي) وخلف ابناً يدعى أبا الفضل جعفراً كان أديباً مجيداً أيضاً أورد له العماد في خريدته وانفتح في قلائده قصائد وفصولاً تشهد له بطول الباع.
أما تآليف محمد بن شرف فكثيرة على ما نقله إلينا المؤرخون فمنها كتاب أبكار الأفكار