الصرفند وعدلون وسواحل جند الأردن صور وعكا وبصور صناعة المراكب أي المسلحة (الترسانة) وفي نزهة المشتاق: ومن إسكندرية إلى مدينة صور خمسة عشر ميلاً وهي مدينة حسنة على ضفة البحر ومن صور إلى طبرية يومان كبيران ومنها إلى عدلون وهو حصن منيع على البحر ومنه إلى صيدا عشرة أميال وبين صور وصرفند يقع نهر ليطة ليطاني ومنبعه من الجبال ويقع هناك في البحر ومن صور إلى دمشق أربعة أيام وذكر ياقوت في المشترك أن صور أشهر مدينة بساحل الشام وحصنها وأحسنها افتتحت في أيام عمر بن الخطاب وبقيت في أيدي المسلمين إلى سنة ٥١٨ في أيام الآمر بالله فأخذها الفرنج.
هذا كلام الإفرنج والعرب في صور وقد بتنا فيها ليلة انقبضت فيها النفس انقباضاً لم يعرض لها في أحقر القرى التي مررنا بها في رحلتنا ومن الغد ركبنا المركبة إلى صيدا في أراض مزروعة وجداول منسابه والمسافة أربع ساعات وليس في الطريق من أثر إلا بقايا أنقاض الصرفند وتعرف قديماً باسم الزاربات وعدلون ومغارة اسمها معارة البزاز يرشح الماء من أعلى صخر منها المتجمع من مياه المطر فيشرب منه الرعاة حيث يلجأون في الشتاء ويعتقد بعض العامة أن كل مرضع جف لبنها وانقطعت درتها تستشفي يرشح من قطرات الماء فيدر لبنها ولم يقم دليل على ذلك في الحس كما لم يقم حتى الآن دليل على الاستشفاء بالأماكن المباركة وبعض المعابد ومحال النسك وما النذور التي ينذرها بعض عامة المسلمين من السنة والشيعة والرحال التي يشهدونها من القاصية إلا من باطل السعي ومخلفات القرون الوسطى لا يؤيدها نقل ولا يقول بها عقل.
وفي الطريق إلى صيدا بعض نواويس ومسلات منها ما هو يوناني ومنها ما هو فينيقي ومنها ما هو مصري كما تجد أحواضاً وقبوراً ومعاصر زيت وأنقاض معابد وغيرها والمهم مما كان هنا وفي صيدا نقله علماء الآثار إلى متحف الأستانة أو متاحف أوربا سراً. ومدخل صيدا بحدائقها الأنيقة مدخل المدن الكبرى وإن لم يتجاوز نفوسها عشر ألفاً ولذا رجح بعضهم أن الفينيقيين اختاروها لجمال جزين والريحان وعامل مطلة عليها إطلال الأب على ابنه أو العاشق على معشوقه.
وكيف لا يبهج الأباصر رؤيتها ... وكل روضٍ بها في الوشي صنعاء