وبجانبه قلعة الصبيبة المطلة على حولة بانياس وبلاد بشارة أو جبل عامل وفي الجنوب بلاد نفتالي الجبلية إلى ضواحي صفد وعلى اليمين جبل الجرمق.
ومن قلعة الشقيف أيضاً ترى قلعة هونين وفي الشمال الشرقي تصعد العين الوادي وفي أعلاه جبل الريحان منظر يملك على الإنسان مشاعره فيدهش له ويبتهج ينظر القلعة فيراها محلقة في الجو كالعقاب تدل كل الدلالة على قدرة الإنسان حتى في سالف الأحقاب ويقع نظره من جهة أخرى على أجمل مناظر سورية وتتمثل له هذه البلاد وما قاسته من مطامع الفاتحين وسيئات الظالمين المستبدين.
وفي هذه البقاع التي منحتها الفطرة أسباب الصفاء والرواء تطاحنت سنين كثيرة جيوش أهل الصليب وأهل الإسلام فأهلك الإنسان أخاه بسائق الدين في الظاهر وسائق المطامع الدنيوية في الحقيقة ولولا عزيمة من صلاح الدين يوسف بن أيوب نسفت الأهواء لتجردها عن الأهواء لكانت بلادنا اليوم ملكاً لدول أوربا أو لأحداهن ولما بقيت للإسلام والعرب كله تسمع في هذه الديار كما وقع لشبه جزيرة الأندلس وجزيرة صقلية من قبل.
وقلعة الشقيف كسائر قلاع القرون الوسطى في بلاد الشام من بناء كثير من الملوك والمتغلبين وأهم أبنيتها من أواخر العهد الروماني ومعظمها من بناء العرب وفيها معبد أو مصلى من القرون الوسطى من الجهة الشرقية وهي محاطة من الجنوب ومن الغرب بهوة عميقة محفورة في الصخر عمقها من ١٥ إلى ٣٦ متراً ومن الجنوب فقط لتصل القلعة بذروة الجبل ومدخلها إلى الجنوب الشرقي وطولها ١٢٠ متراً وعمقها ٣٠ من طرفها الشمالي بناء ناتئ طوله ٢١ متراً متجهاً إلى الشرق وفناؤها أو صحنها في الجهة الشرقية منها عمقه نحو ١٥ متراً ومثلها الأبنية الخارجية ولها انحدار يختلف من ٦ إلى ٩ أمتار وقد قام على الحائط الجنوبي برجان على شكل نصف دائرة.
قامت القلعة على هذا المثال بحيث أعجزت المهاجمين ويقال أن صلاح الدين لم يستطع أخذها بالمنجنيق إلا بضربها به من قرية القليعة في الشق الآخر من الوادي على مسافة لا تقل عن أربعة كيلومترات وفي رواية تدور على ألسن أهل القرى هناك أنه حاصرها أشهراً ولم يستول على حاميتها إلا بحيلة دبرها قروي من أهل ذاك الجوار فدعا الحامية خارج القلعة لمأدبة أعدها لها وكانت الحامية مستأمنة له وقد أنهكها الجوع حتى صارت