وبعد فإن هذا المرج بطبيعته من أجمل ما وقعت عليه العين من البلاد التي عرجنا عليها في رحلتنا يشرح النظر منه ما شاء في روض بهيج لو أكثروا فيه من زرع الأشجار المثمرة لفاق غوطة دمشق وأشبه سهول فرنسا وجبالها خصوصاً وأكثر دور الجديدة وابل والخيام أصبحت تبنى على الأصول الحديثة بالحجر الصلد والقرميد البديع ولكل دار حديقة تحيط بها كالهالة بالقمر وما أرض المرج إلا كما قال الشاعر:
أرض إذا عبس الشتاء رأيته ... كملاءة ملئت من الكافور
وإذا الربيع تكاملت وجناته ... فمدبجات عطرت بعبير
وإذا المصيف تلألأت صفحاته ... ففواكه من يانع ونضير
وإذا الخريف تقلصت أردانه ... فمتاع أقوات من المذخور
جمعت بها شتى المنى فكأنما ... لقيا البشير بوصلة المهجور
وادي التيم
كتب لنا الطواف حول جبل الشيخ في هذه الرحلة ومشاهدة جهاته الأربع. وجبل الشيخ هو جبل حرمون بعينه المذكورة في التوراة وسماها العرب جبل الثلج قال حسان بن ثابت:
من دون بصرى ودونها جبل الثل ... ج عليه السحاب كالقدد
ويسمى أيضاً أمانة وبعل حرمون وسيئون وسؤيون وسنير زشنير وزعم بعض أصحابنا أن السبب في تسميته هو أن شيخاً من زعماء الطائفة الدرزية سكن مغارة في سفحه الغربي في القرن السادس للهجرة وتسمى مغارته الآن مغارة العباد وأقام هناك مع قومه السنين الطوال وبعض الإفرنج يعللون هذه التسمية ببياض الثلج الذي على قمته ويشبه رأس شيخ أشيب. وتسمية العرب لحرمون يجب الثلج تسمية طبيعية لأن علوه يحفظ الثلوج إلى آخر فصل الصيف ولا سيما في المنحدرات العالية التي لا تعبث بها الرياح الحارة والشمس على ما يجب وعلو أعلى قمة فيه ٢٦٧٠ متراً عن سطح البحر أو نحو ٩٤٠٠ قدم وطوله ثلاثون كيلومتراً أو ثلاثة وثمانون ميلاً أو سبع ساعات وهو إلى الجنوب الغربي من دمشق على بعد ٣٠ ميلاً.
ومن الغريب في أمر هذا الجبل أن العيون المنبجسة من ثلوجه تكثر جداً من شرقيه أي من