الرجل كان يحمل حبلاً ويسترفد عشيرته إذا أعطى الشاة والحاشية من الإبل ربطها بالحبل كذا في معاني الشعر للأشنانداني أقرب لأبيات المعاني منه لأبيات العادات.
(ومنها) قول الآخر يصف حماراً:
يلوي مجامع لحيه فكأنه ... لما تمخط في السحيل نقيب
نقيب أي منقوب الحنجرة وكان من عادة العرب إذا اشتد الزمان نقبوا حنجرة الكلب أو غلصمته ليضعف صوته فلا يسمع الضيف صياحه فشبه نهيق هذا الحمار بصياح الكلب النقيب. وفي اللسان إن ذلك كان يفعله البخلاء من العرب لئلا يطرقهم ضيف باستماع نباح الكلاب. وأنشد الأشنانداني في معاني الشعر:
تجاوبن إذ برّكن والليل غاسق ... تعاوي منقوبات حيي محارب
وقال في تفسيره المنقوبات الكلاب كانوا إذا اشتد الزمان نقبوا لسان الكلب لئلا يسمع نباجه يقول فهذا الإبل كأنها منقوبات يصف إبلاً معيبة فهي ترغو رغاءً ضعيفاً.
(ومنها) قول الآخر:
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدع
فظاهر معناه أنه لشدة شوقه لمن في الحي أكثر التلفت نحوه حتى وجعته عنقه. ولكن الراغب الأصفهاني في محاضراته حمله على عادة كانت لهم وهي زعمهم أن المسافر إذا خرج فالتفت لم يتم سفره قال فالتفاته لأنه كان عاشقاً فأحب أن لاي تم سفره ليرجع إلى من يحب.
(ومنها) قول بشر بن أبي خازم (بالخاء المعجمة والزاي):
تظل مقاليت النساء يطأنه ... يقلن ألا يلقى على المرء مئزر
المقاليت جمع مقلاة بالكسر وهي التي لم يبق لها ولد. والبيت مبني على ما كانت تزعم أن المقلات إذا وطئت رجلاً كريماً قتل غدراً عاش ولدها كذا في اللسان.
(ومنها) قول متمم بن نويرة في أخيه مالك:
لقد كفن المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا
وكان المنهال قتل ملكاً والرداء هنا السيف وكانت العادة عند الرعب إذا قتل الرجل منهم رجلاً مشهوراً وشع سيفه عليه ليعرف قاتله كما في اللسان.