فقأت لها عين الفحيل تعيفا ... وفيهن رعلاءُ المسامع والحامي
أنشده الجاحظ في البيان والتبيين والفحيل بفتح فكسر الفحل الكريم وأنشد أيضاً:
وهب لنا وأنت ذو امتنان ... تفقأ فيها أعين البعران
وأنشد أيضاً:
فكان شكر القوم عند المنن ... كيَّ الصحيحات وفقءٌ الأعين
وكلها مبنية على عادة كانت لهم ذكرها الجاحظ وهي أنهم كانوا إذا بلغت إبلهم ألفاً فقؤا عين الفحل فإن زادت فقؤا عينه الأخرى قال فذلك المفقأ والمعمي. وفي مادة (عمى) من اللسان قال الأزهري وقرأت بخط أبي الهيثم في قول الفرزدق:
غلبتك بالمفقئ والمعمى ... وبيت المحتبى والخافقات
قال فخر الفرزدق ف هذا البيت على جرير لأن العرب كانت إذا كان لأحدهم ألف بعير فقأ عين بعير منها فإذا تمنت ألفان عماه وأعماه فافتخر عليه بكثرة ماله قال والخافقات الرايات انتهى ما في اللسان. قلت إذا كان معنى البيت على ما فهمه أبو الهيثم كان الصواب أن يكون المفقأ بصيغة اسم المفعول لا بصيغة اسم الفاعل. وقد روى البيت في مادة فقأ (بالمفقئ والمعنى) بالنون ونقل المصنف عن الليث أن العرب كانت في الجاهلية إذا بلغ إبل الرجل ألفاً فقأ عين بعير منها وسرحه حتى لا ينتفع به ثم حكى عن الأزهري أن معنى المفقئ في هذا البيت ليس على ما ذهب إليه الليث وإنما أراد الفرزدق قوله لجرير:
ولست ولو فقأت عينك واجداً ... أبا لك أن عد المساعي كدارم
انتهى. قلت القول ما ذهب إليه الأزهري لما سيرد عليك والظاهر أن الذي حمل الليث على أن يفهم في المفقئ ما فهم كون المعنى يطلق على جمل كان أهل الجاهلية ينزعون سناسن فقرته أي حروفها ويعقرون سنامه لئلا يركب ولا ينتفع بظهره بفعل ذلك الرجل منهم إذا بلغت إبله مائة ليعرف أنه مميء فظن الليث أن الفرزدق أراده فحمل المفقئ عليه وكان وجهه على ما فهم أن يرسم أيضاً بصيغة اسم المفعول كما قدمنا.
والصواب في معنى البيت ما ذكره صاحب اللسان في مادة (عنا) نقلاً عن ابن سيده أن مراد الفرزدق بالمفقئ بيته في جرير المتقدم ذكره ومراده بالمعنى (ضبط بكسر النون) قوله