للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبعة غير الحركات التي لا تحسب عند العرب حروفاً كما تحسب عند غيرهم من الفرنج. .

والحقيقة أن هذا المذهب لا يصح إلا إذا قلنا أن العرب ليسوا من بني آدم أبي البشر وإنما هم أبناء رجل آخر نشأ في جزيرة العرب من غير أم ولا أب ونشأت منه زوجة واستقر نسلهما في الجزيرة لا يخالط الناس حتى تكونت لغته وضمنت لنفسها عدم التأثر بالأجنبي والدخيل.

أما والعرب من أبناء سام بن نوح وبعبارة أوضح من أبناء آدم فليس لهذا المذهب من الصحة نصيب قليل ولا كثير.

إنما تنشأُ اللغة هذه النشأة إذا اقتطعت من الطبيعة مباشرة من غير أن يكون لها مثال تحتذيه أو منوال تنسج عليه فأما اللغة التي لها أصل ثابت معروف كاللغة العربية فليس من المعقول أن يطرد فيها هذا المذهب وعَلَى هذا نستطيع أن نقول أن هذا المذهب يصح بالقياس إلى لغة واحدة وهي لغة الإنسان الأول التي اقتطعها من أصوات طبيعية وكما أن أُسرة الإنسان الأول قد تفرعت إلى أسر مختلفة ثم كانت منها أُمم وشعوب فإن لغتها الأولى قد تفرعت إلى لهجات متباعدة ثم كانت لغات متباينة وعَلَى هذه القاعدة استطاع الفرنج أن يترجموا كثيراً من اللغات الدارسة.

أما الأسباب الحقيقية التي نشأت عنها صعوبة البحث التاريخي عن اللغة العربية حتى عميت علينا أسرارها وأسدلت دوننا أسرارها فوقفنا موقف الحائرين الذاهلين بغزاء كثير من ألفاظها لا نعرف لها أصلاً ولا نتميز لها اشتقاقاً فهي كثيرة أكتفي بالإشارة إلى ثلاثة منها الآن.

الأول أن معرفة النشأة الحقيقية للغة رهينة بمعرفة أصلها الذي اقتطعت منه فما كنا لنعرف نشأَة اللغة الفرنسية لو لم نعرف اللغة اللاتينية.

كذلك لا نستطيع معرفة نشأة اللغة العربية حتى نعرف اللغة السامية الأولى التي هي أصلها ولكنها مع الأسف قد بادت واندمجت في بناتها قبل التاريخ فلم يبق لنا إليها من سبيل.

الثاني أن ضياع الأصل لا يقطع الرجاء في الوصول إلى بعض حقائق اللغة في نشأتها إذ استطعنا أن نستعين عَلَى البحث بالمقابلة بينها وبين أخواتها من اللغات الأخرى ولكنا مع