ليقتحم الماء لأن البقر تتبعه كما تتبع الشول الفحل وكما تتبع أتن الوحش الحمار وكانوا يزعمون أن الجن هي التي تصد الثيران عن الماء حتى تمسك البقر عن الشرب فتهلك. وقال الجوهري إذا البقر امتنعت عن شروعها في الماء لا تضرب لأنها ذات لبن وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب اهـ. وقيل أراد بالثور ثور الماء وهو الطحلب فإذا أورد البقلر القطعة من البقر فعافت الماء وصدها عنه الطحلب ضربه ليفحص عن الماء فتشربه فيكون ذكره هنا بعد البقر للإلغاز به عَلَى المسامع.
ومنه قول الأعشى:
كالثور والجني يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشرباً
والجني هو اسم الراعي لا الواحد من الجن في قول.
(ومنها) قول النابغة
لكلفتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكون غيره وهو رائع
هكذا رواه الأعصمي وروى وابن عربي (حملت عليَّ ذنبه وتركته) والعر بضم العين المهملة قروح تخرج من مشافر الإبل وقوائمها والبيت عَلَى عادة كان يفعلها جهال العرب فكانوا إذا وقع العر في إبلهم اعترضوا بعيراً صحيحاً فكووا مشفره وفخذه يرون أنهم إذا فعلوا ذلك ذهب العر من إبلهم كما كانوا يعلقون عَلَى أنفسهم كعوب الأرانب خشية العطب ويفقؤن عين فحل الإبل لئلا تصيبها العين وهذا قول الأصمعي وأبي عمرو وأكثر اللغويين كما ذكر ابن السيد في الاقتضاب. وقيل إنما كانوا يكوون الصحيح لئلا يعلق به الداء لا ليبرأ السقيم. وقيل هذا أمر لم بكن وإنما هو مثل لا حقيقة. وقيل أصله أن الفصيل إذا أصابه العر لفساد في لبن أمه عمدوا إلى أمه فكووها فتبرأ ويبرأ فصيلها لأن ذلك الداء إنما كان يسري إليه في لبنها قال ابن السيد وهذا أغرب الأقوال وأقربها إلى الحقيقة.
(ومنها) قول عبد الله بن عداء البرجمي:
لو كنت جار بني هند تداركني ... عوف ابن نعمان أو عمران أو مطر
قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم ... لم يسلموه ولم تسنح له بقر