بنفحاته، وتولاها توفيق بعناياته، ثم شملها عباس برعاياته. ولا يمكن التنصيص عَلَى تعيين ما عنده من النفائس ولطالما شهد عمال الكتب الخديوية أنفسهم عَلَى ما فيها من الذخائر والأعلاق ويكفي أنك مها درت في ديار مصر وقلبتها من أدناها إلى أقصاها من دور الحكومة الرسمية ومعاهد العلم العمومية حتى لو ذهب إلى الدفتر خانة المصرية لا تجد فيها أثراً لجريدة الوقائع المصرية التي كانت تصدر في أوائل عهدها أيام محمد علي. ولكنك إذا أتيت الخزانة الزكية تجد قسماً عظيماً منها وتقرأ فيها المعجب المطرب مما يدل عَلَى حالة البلاد في تلك الأيام وأنت لو التمسته بالمنكاش في تضاعيف الكتب أو بمسائلة الشيوخ لا تصل إليه بتة هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة.
وتمتاز هذه الخزانة بأنها تجمع الكتاب النفيس بما تقلب عليه من الأدوار والأطوار فتجد منه مخطوطاً بخط اليد أولاً ومطبوعاً ببولاق ثم نسخة مطبوعة منه في الشرق والغرب إن لم تجد ترجمته إلى اللغة الفرنسية في الغالب أو الإنكليزية أو الإسبانية أو اللاتينية أو الإيطالية أو الألمانية. ثم الكتب التي كتبها جهابذة العلماء عَلَى الكتاب أو عَلَى المؤلف. بحيث أن الباحث يتيسر له والحالة هذه أن يستوفي موضوعه بأسهل شيء وأن يكمله بحسب حاجته ومقدار همته.
ومن الكتب المخطوطة النادرة عنده أربعة أجزاء لا بن عساكر وأربعة أجزاء مرآة الزمان لابن الجوزي ونسخة كاملة من تاريخ ابن خلدون عليها خط الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الأزهر ونسخة من الجزء الرابع من تاريخ الجبرتي ويظن أنه يحتوي عَلَى فصول كثيرة اضطروا إلى حذفها من النسخة التي طبعت في بولاق لأن فيها ما فيها مما يختص بمحمد علي ولكنه لم يحقق ذلك بطريقة يقينية غير أن ضخامة الجزء تجل الظن أقرب إلى اليقين خصوصاً والصفحة من المخطوط تعادل ثلاث صفحات من المطبوع عَلَى الأقل فتزيد باقل تقدير ١٥٣ صفحة م المخطوط وإذا أضيف إليها ٤٠ صفحة من المخطوط أيضاً فيكون المجموع المطبوع في النهاية العظمى ومع التسامح الزائد معادلاً لألف صفحة من المخطوط وربما كان ما بقي بعد ذلك من المخطوط هو عبارة عن مجموع الفصول والجمل والعبارات التي استصوبوا حذفها من الأصل لبعض الاعتبارات وذاك يعادل خمسين صفحة من نسخة بولاق المطبوعة سنة ١٢٩٧ هـ ومن الغريب أن صاحب