(وهي المعروفة الآن بجزائر الباليار وكان المسلمون يسمونها بهذين الاسمين وباسم الجزائر فقط وأما القطر لجزائري المشهور فاسمه عندهم مأخوذ من اسم عاصمتهم جزائر بين مزغنة وابن مزغونة) ثم صقلية، وقوسقة وأقريطش (المعروفة الآن باسم كريد) وكل هذه الجزائر كانت الحضارة الإسلامية فيها باهرة زاهية زاهرة.
أما الجزائر الصغرى فكان شأنها كذلك مثل قبرص ورودس ومالطة. وآثار الإسلام ما تزال باقية إلى الآن ولعلكم ترتاحون إلى العلم بأن مالطة كانت سوق الأدب العربي فيها رائجة كان صحبها اسمه القائد يحيى صنع له احد المهندسين صورة لمعرفة أوقات النهار بالصنج فقال أبو القاسم بن رمضان المالطي لعبد الله بن السمط المالطي أجز الله هذا المصراع.
جارية ترمي الصنج ... بها النفوس تبتهج
فقال:
كأن من أحكمها ... إلى السماء قد عرج
فطالع الأفلاك عن ... سر البروج والدروج
أما بحر الأرخبيل وجزائره فلم يدخلا في حكم العرب بصفة أكيدة حقيقية وإنما كانوا يغيرون فيه عليها من حين إلى حين تبعاً لعلاقاتهم مع الروم صلحاً وهدنةً وسلماً وحرباً. هذا البحر هو بحر الأرخبيل أو بحر هيجاي فانتم ترون أنه شيء وبحر سفيد بشيءٍ آخر. ولا عبرة بما يذكر في هذه الأيام في كثير من الجرائد العربية بمناسبة الحرب الحاضرة والكلام عَلَى الأرخبيل وجزائره العثمانية - فإن الذين وقفوا أنفسهم عَلَى الترجمة فيها قد وقفوا عندما رأوا بحر إيجة ورأوا في كتب الجغرافية والتربية أو المعربة عن هذه اللغة لفظة بحر سفيد فاغتروا وغرروا بالقارئين إذ قالوا أنه بحر سفيد وأطلقوا عَلَى هذا البحر اسم سفيد لأنه غير متعارف في مصر وظنوا أنهم أفادوا وأدوا الأمانة حقها. فكانا مصداقاً جديداً للمثل السائر عند الطليان وهو ومعناه الترجمان خوان ويضح لنا أن نترجم ذلك مع التساهل ومراعاة ملكة اللسان المصري بقولنا المترجم مبرجم والبرجمة غلط الكلام.
فأملي أن تصل كلمتي هذه إلى أرباب الأقلام فلا يعودون إلى مثل هذا التخليط.