للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت لكم يا سادتي أن المسلمين عبروا البحر فامتلكوا جزائره وجعلوها قواعد تقوم عليها أعمالهم في الفتوح كما هو شأنها اليوم مع الدول العظمى. ومنها ذهب المسلمون إلى أوربة فامتلكوا ما قدروا عليه واحتلوا ما تيسر لهم، وأغاروا عَلَى ما أرادوا.

ذهبوا بأساطيل مؤلفة من الجوارى المنشآت في البحر كالأعلام. تلك الأساطيل التي تغنى بها الشعراء بما لا حاجة للإشارة إليه الآن لئلا يتشعب معنا الكلام فيخرج عمال يقتضيه المقام، وإنما أردت لفت الأنظار إلى أن الدول التي تريد إعلاء كلمتها وحفظ بيضتها لا بد لها من امتلاك ناصية البحار وذلك لا يكون بتلك الحصون الماخرات الشامخات المشمخرات. فإن البحر له الشأن الأكبر في رفع شأن الدول وسلاطة بعضها عَلَى بعض بحق وبغير حق. وحسبكم ما هو حاصل الآن بين سمعكم وبصركم في البحر الأبيض المتوسط وفي بحر الأرخبيل بل وفي البحر الأحمر المعروف في كتب الجغرافيا العربية ببحر القلزم نسبة إلى مدينة القلزم التي قامت مقامها وعلى القرب منها مدينة السويس.

أخذ العرب عن اليونان اسم الأسطول للدلالة عَلَى مجموع السفن التي تباشر الحرب في البحر كما أخذنا نحن الآن عن الإفرنج كثيراً من اصطلاحاتهم البحرية. ومن ذا الذي ركب منكم البحر ولم يحتجز له قمرة في الباخرة؟ هذه القمرة هي طليانية المنبت والمحتد ومعناها الغرفة والحجرة والأوضة. فإن هي إلا معاوضة ومقايضة كما أن البحر إذا انحسر عن البر من هنا طغى عَلَى الشط المقابل له في ناحية أخرى. ناموس عام تتجلى ظواهره في كل أعمال الإنسان وفي سائر أحوال العمران كذلك كان شأن الإفرنج منذ قرون ولقد بقيت الأسماء العربية متعارفة عندهم وفي كل لغاتهم وليس لهم سبيل إلى تبديلها بغيرها. إذ من ذلك مثالاً واحداً لأنه الأس وبمثابة الرأس فلفظة أميرال عربية الأصل وهو عندنا أمير الماء كما تراه في موسوعات النويري. بتر القوم القسم الأخير من باب التلطيف والتخفيف كما هو شأننا أبضاً في تعريب الكلمات الأعجمية. وقد جئنا الآن فجاريناهم عَلَى التعبير بهذا الحرف وبما تركب معه فنحن نقول: أميرال، كنتراميرال، فيس أميرال.

من هو أول أميرال مسلم؟

هو العلاء بن الحضرمي الصحابي الجليل عليه رحمة الله فهو أول مسلم ركب البحر للغزو وكان ذلك من جهة الشرق والخليج الفارسي من عمان والبحرين.