يا ذا الذي أصبح لا والداً ... له عَلَى الأرض ولا والده
قد مات من قبلهما آدم ... فأي نفس بعده خالده
إن جئت أرضاً أهلها كلهم ... عور فغمض عينيك الواحدة
وقال لا تقاتلن أحداً تجد من قتاله بداً فإنما الحق لمن غلب ولا غالب إلا الله وإن آخر الدواء الكي فلا تجعله أولاً وفي ذلك أقول شعراً:
وكم رأينا من أخي غبطة ... أصبح مسروراً وأمسى حزيناً
وكم رأينا فتى يركب طاحونة ... للحرب قد أصبح فيها طحيناً
وقال في الإعسار والإيسار:
كم من صديق لنا أيام دولتنا ... وكان يمدحنا قد صار يهجونا
إني لأعجب ممن كان يصحبنا ... ما كان أكثرهم إلا يراؤنا
لم ندر حتى انقضت عنا إمارتنا ... من كان ينصحنا أو كان يغوينا
من كان يصنفنا ما كان يصحبنا ... إلا ليخدعنا عما بأيدينا
وقال في الصلة والتفضل: لا يكن من وصلك أحق بصلتك منك وبصلته ولا من غير تفضل عليك أولى بالتفضل منك عليه فإنما أتت وهو كرجلين ابتدرا كرومة فقصر أحدهما وبلغ الآخر فإنما القاصر قصر عن حظ نفسه وأما البالغ فبلغ بجميل أمره وعظيم قدره.
وقال في القدر: إذا كان الرجل لبيباً فاعلم أنه كامل ولكن لن يقدمه ذلك إلى ما كان يطالب ولن يؤخره عما كان يحاذر إلا بقدر يلحق به ما طلب ويسبق به ما يحذر وإن من الناس من يؤتى منطقاً وعقلاً ولا يؤتى مالاً ومنهم من يؤتى مالاً ولا يؤتى غيره فيحتاج مع ماله إلى عقل ذي العقل ومنطقه ويحتاج ذو العقل إلى مال ذي المال ورفده وينهض هذا بهذا وهذا بهذا (فليس لأحدهما إذاً غنى عن الآخر) فأحوج الملك إلى السوقة وأحوجت السوقة إلى الملك.
وقال في التفاضل: لا تقل فلان أغنى مني وأنا أحزم منه فإنه لو جمع العقل والشدة والشجاعة والمال وأشباه ذلك القوم وبقي قوم لا شيء لهم لهلكوا ولكن الله عز وجل قال أهم يقسمون رحمة بك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضهم درجات فأوتي بعضهم عقلاً وبغضهم قوة وبعضهم مالاً مع أشياء مما يكون فيه