للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجهاد ورأت أن تعارض التعصب الإسلامي بطوائف متماسكين في اتحادهم من غيوري الأوربيين أو الشرقيين لتقطع أوصال المسلمين قطعاً أدبياً بعد أن أوقفتهم عن سيرهم المادي. وما فتئت رومية منذ القرن الثاني عشر والثالث عشر تحاول تنصير جميع الشعوب الآسياوية التي ظلت عَلَى وثنيتها فبعثت إلى بلاد المسكوب وفارس وأرمينية والتاتار والتبت ومغوليا والصين والأرخبيل الهندي وفوداً من أهل الذكاء والحصافة ممن خلفوا لنا رحلاتهم ومذكراتهم اليومية عهدت إليهم أن يسبروا غور أمراء لينصروهم أو ليتحالفوا وإياهم صد المسلمين عَلَى الأقل. وكان نصيب مصر والحبشة أيضاً البحث عن مثل هذا الشأن.

فلم تلبث الرهبنات العظمى قد أنشئت مثل الدومنيكينيين والفرنسيسكانيين واليسوعيين والكبوشيين والكرمليين واللعازريين ليكونوا جنداً مخلطاً في خدمة إمام الأحبار وتفتح تلك البلاد لدخول النصرانية إليها فأثبت جيش من الرهبان عَلَى اختلاف مظاهرهم في قارتي آسيا وأفريقية الشمالية لافتتاحها ونشر الإنجيل فيها ثم نشر المدنية الغربية فحبط القائمون بالأمر أولاً ولم يهتدوا لأحسن الطرق في العمل فانهال الفرنسيسكانيون والدومنيكينيون يفادون بأرواحهم ويصبرون عَلَى ضروب العذاب في سبيل دعوة الشعوب الإسلامية في أفريقية الشمالية إلى الدين المسيحي وكانت الطرق التي عمدوا إليها عَلَى تحمس فيها ممزوجة بكثير من الجهل فشعروا في الحال أن الضرورة تقضي عَلَى من يريد دعوة أحد إلى دينه أن يتكلم بلغته عَلَى الأقل ليتفاهم الداعي والمدعو فنادا القوم في كل مكان بضرورة إنشاء مدارس لتعليم اللغات كان رايموند لول داعيتها الذي لم ينله تعب ولا نصب.

فقضى مجمع فينا سنة ١٣١١ الذي كان يرأسه أكلمنتس الخامس لأن يؤسس في باريز وأكسفورد وبولون وسلمنكة دروساً عربية وعبرانية وكلدانية من شأنها تخريج وعاظ وأهل جدل أشد لتنصير المسلمين واليهود وأنشأ الفرنسيسكانيون والدومنيكينيون في ايدارهم دروساً من هذا القبيل ليعدوا رهبانهم لنشر الإنجيل ومنذ ذاك العهد أصبحت إيطاليا مهد حركة بالمشرقيات وأخذوا بنوع خاص يدرسون العبرية لفهم أسرار التوراة لتنصير اليهود واللغة العربية لتنصير المسلمين وكان أساتذة العبرية يتخرجون بأعلم العلماء الربانيين