وأساتذة العربية كانوا ممن رحلوا إلى البلاد اللغة التي أخذوا يدرسونها ويصحبهم بصفة معيدين أناس من المسلمين أو من السوريين الموارنة ممن كانوا يعلمونهم العربية بالعمل ورأى هؤلاء القسس بحكم الضرورة أن يتقنوا من اللغة العامية إلى الفصحى ليشتد ساعدهم في فهم المسائل الفلسفية ورد حجج المخالفين بأسلوب فسلفي أدبي.
ومن أجل هذه الغابة اهتموا أيضاً بمصر والحبشة ومن مدارسهم نشأ العلماء الأول من الأقباط والحبش والأمحريين ولكن دراسة اللغة العربية بقيت الحاكمة المتحكمة في شبه جزيرة إيطاليا فكان ينظر إلى تعلمها أنه من الحاجات الماسة لكل تجار المدن البحرية. فقد وضع أحدهم سنة ١٢٦٥ باللغة العربية كتاب المعاهدة التجارية بين تونس وجمهورية بيزا وظلت العربية مألوفة في عدة أماكن من إيطاليا الجنوبية عقيب احتلال العرب صقلية فكانت في بلاط ملوك نورمانديا وهوهانستوفين وفريدريك الثاني ودي منفروا لغة العلم العالي والشعر والأدب. وما كانت العربية عَلَى ما فيها من القصائد المقيمة المقعدة والعواطف المؤثرة لتحمل أمثال شارل دانحو عَلَى تحمسه لدينه أن يخاف عاديتها بل كان الطباء والطبيعيون في قصره إما من الإسرائيليين أو من المسلمين المنحلين في عقائدهم وكان الطب هو الجواز التي سارت به الفلسفة العربية عندما قام جيرارددي كرمون الشهير في أوائل القرن الثالث عشر في ظل دولة فريدريك الثاني يترجم بعض كتابات ابن سينا الفيلسوف.
وفي القرن الثالث عشر ترجم المعلم موسى من أهل بلرمة من اللاتينية إلى العربية كتاب أبقراط في أمراض الخيل فتسربت فلسفة ابن رشد من أمثال هذه الطرق ولم تلبث أن صادفت قبولاً بين ناشئة إيطاليا حتى شكا من ذلك جهاراً بترارك في القرن الخامس عشر إذ رأى في تلقف فلسفة ابن رشد الإلحاد والازدراء باليونانية واللاتينية. وكثير من العلماء والأدباء من غير طبقة الرهبنان كانوا يرون في موجبات الفخر في القرن التالي أن يعرفوا العربية سائرين عَلَى سنة بيك دي لاميراندول.
وعلى توفر بعضهم عَلَى نشر كتب في الجدل مع المسلمين حتى قبل أن يترجم القرآن بإحدى اللغات الغربية فإن عشاق العربية كانوا يرون من الحيطة ودواعي الغيرة أن يمرنوا أنفسهم عَلَى ترجمة رسائل في الطب ينقلونها عن العربية إذ لم يكن أحد يجهل مكانة