العرب في هذا الفن وبذلك يرون أنهم ينجون من الاتهام بالزندقة وقد أصبح أندري أريفاين في البندقية حجة في هذا الباب وأنشأ هؤلاء المترجمون يدققون علاوة عَلَى ذلك كل التدقيق فيما ينشرون فكان لهم أسلوب علمي حقيقي. ولما رأي أندري مومكاجون بللون في القرن الخامس عشر لأن تراجم ابن سينا القديمة وأطباء بلاط فريدرك الثاني ليس فيها عناية ذهب يحكم دراسة اللغة العربية في دمشق وأتم تعليمه الشرقي بالرحالة في مصر وسوريا وفارس وآسيا الصغرى رحلة طويلة وذلك قبل أن يعود إلى كلية بادو ليشرح لتلامذته فلسفة ابن سينا. وقصد جيرولا مورانوزيو أحد أطباء البندقية بلاد الشام أيضاً في سنة ١٤٨٣ ليتبحر في فهم فلسفة ابن سينا ويعلق شروحاً عَلَى ترجمته عليها.
وكان من سقوط القسطنطينية وهجرة علماء من اليونان إلى إيطاليا وكثير من نصارى الشرق واختراع الطباعة وقيام الإصلاح أن هبت في أرجاء إيطاليا حركة النهضة العلمية التي تجلت في أجمل مظاهرها في الدروس الشرقية ولاسيما في دروس العربية والإسلام.
كانت الحركة في تعلم المشرقيات عامة وإفرادية معاً انتشرت كل الانتشار بفضل الكاردينال فريدريك دي مديسيس في فلورنسا والباباوات في رومية والكاردينال بورومة في ميلان والكاردينال بارباريكو في بادو ومن تقدمهم مثل باباغانيني الذي نشر في البندقية أول طبعة من القرآن باللغة العربية ولكن هذه الطبعة لم تلبث أن أبيدت بغيرة دينية خرقاء وكان من الأسقف أغوستينو جويستنياني المشغوف بالدروس الشرقية ولاسيما العربية والعبرية أن يقبل من فرنسيس الأول بتدريس اللغة العبرية بعد أنصرف ثروته واقتناء مجموعة من المخطوطات المهمة في العبرية والعربية والكلدانية والرومية وكان تيزايوامبرو كيو قومس (كونت) ألبونز مستشرقاً مدققاً.
وهكذا كانت إيطاليا كلما أُولع علمائها باللغة العربية وتشربوا روحها تميل كل الميل إلى الأقطار التي كان يتكلم فيها. وقد نشر أندريا أريفابن من مانتو أول طبعة إيطالية من القرآن إن كل كل هذه الأعمال عَلَى جلالتها لا تعد شيئاً في جانب إنشاء مطبعة أشر ميديسيس المالكة والمطبعة الشرقية لبث الدعوة ومطبعة بادو وكليتها وإحداث مملكة أمبروز في ميلان وكل ذلك بغية تنصير المسلمين والوثنيين. فقد طبعة مطبعة ميديسيس ١٨ ألف نسخة من الإنجيل باللغة العربية سمته (أربعة أناجيل يسوع المسيح سيدنا