المقدسة) وأرسلتها مع تجار لتباع ثمن بخس في البلاد العربية أو التي تفهم بها العربية عَلَى صورة حازمة لا يظهر منها القصد الذي يرمي إليه دعاة الدين.
وكانت النية معقودة قبل كل شيء عَلَى إعلان حرب صليبية جديدة روحية عَلَى الإسلام يدخل إليها بالوسائل العلمية وعني الباباوات الأدباء أمثال ليون العاشر أو إكلمنتيس السابع عناية خاصة بتأسيس خزائن كتب من المخطوطات تسلب من المسلمين الأعداء القدماء لتكون بذلك مجموعات نفيسة في دار كتب الفاتيكان أما غريغوريوس الثالث عشر فكان لا يرى أحسن في النجاح من تنصير الناس وإبادتهم وأنشأ يوليوس الثاني في مدينة فانو عَلَى بحر الإدرياتيك أول مطبعة عربية احتفل ليون العشر بافتتاحها سنة ١٥١٤ بنشرها أول كتاب طبع بحروف عربية وهو كتاب صلاة السواعي. وكان في رومية مطبعة حجرية شرقية أنشاها سافري دي بريف الذي ظل سنين طويلة سفيراً لملك فرنسا في القسطنطينية وهو نفسه الذي حفر أمهات الحروف العربية التي نقلت عنها مطبعة الأمة في باريز أشكالها. ونشر منذ سنة ١٦١٣ كتاب التعليم المسيحي.
وظل الكاردينال فرديناند دي ميديسيس متمماً لذوق أسرته في حب المعارف الشرقية فابتاع مخطوطات شرقية باسم البابا وكان يدير بطرياركية أنطاكية والإسكندجرية ومملكة الحبشة إدارة روحية وأنشأ عَلَى نفقته مطبعة ميديسيس وولى عليها ريموندي الذي ولد سنة ١٥٣٦ في نابولي وهي أكثر البلاد التي كانت العربية منتشرة فيها. فكان باللغات الشرقية التي كان يتقنها ولاسيما العربية قدوة الداعين إلى تعلم المشرقيات ونشر بالعربية كتاب نحو وكتاب ابن سينا وغيرها فكانت مطبوعاته بحسن طبعها ووضعها موضوع الإعجاب العام وبعض أن قضى ريموندي نحبه لم تعد أسرة ميديسيس تفكر في إعلان الحرب الروحية عَلَى المسلمين بواسطة الكتب بل عمدت إلى إحداث الاضطرابات العملية.
ولم تشأ رومية أن تكون في خدمة المعارف الشرقية بالمطابع والمكاتب والمدارس دون أسرة ميديسيس في بث هذه الدعوة لتنشر بها الدعوة للإسلام فقد صارت بفضل الباباوات ميدان درس ونشر كل ما يرقي عقول القسيسين الذين تنتدبهم رومية لفتح العالم فتحاً روحياً يتخرجون في المدارس ما أمكن بلسان البلاد وعاداتها ومعتقداتها التي يريدون بث دعوتهم فيها ودار الكتب تتمم لهم هذه المعلومات فيعثرون فيها عَلَى ما سطره أسلافهم في رحلاتهم