وكذلك البلغار يتعلقون بجنسيتهم أكثر من تعلقهم بدينهم وهذا الخلق ضعيف جداً في ديارنا وما برح أهل كل نحلة يتناغون بحب بعضهم بعضاً ولو كانوا لا تجمع بينهم لغة ولا وطن ولا قرابة جنسية.
اقترحت إنكلترا لما رأت عجزاً في ميزانية الولايات المقدونية الثلاث لكثرة ما ينفق من أموالها عَلَى الحامية هناك أن ينزل عدد الحامية ليتوازى الدخل والخرج ويستطيعوا أهل الشأن إذ ذاك أن يقوموا بالإصلاح المطلوب لمقدونية ولكن الدولة العلية تعلم أكثر من كل دولة أن سلامتها في الروم أيلي معقود بناصية جيشها وأنة عهود الدول ومحالفتهن تستعمل عليها لا لها فقد ضمنت لها معاهدة باريز سلامة أملاكها من التمزق ومع هذا فقدت بعدها ولايات كثيرة ولم يقم من دول أوربا من يقول أن اقتطاع أرض عثمانية مخالف لتلك المعاهدة التي أقرتها الدول أو معتمدوها.
وإنا إذا وصمتنا أوربا بالظلم في بعض شؤونها فلا يسعها إلا أن تعدنا مظلومين عَلَى الأكثر ولاسيما فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية الحيوية من استثمار الخيرات والتجارات والصناعات في السلطنة قال بينون: لا تزال ميزانية النافعة (الأشغال العمومية) في السلطنة في حالة التكون أو كالجنين لم يتكون فالأجانب هم الذين ينشئون الخطوط الحديدية والمرافئ والأرصفة والترموايات والفنادق وهم الذين يبيعون المدرعات والنسافات والمدافع والبنادق وكل المعدات التي تلزم للجيش وهم يعنون المناجم ويؤسسون شركات الملاحة وقد اعتادوا أن يحملوا إلى البلاد العثمانية أدوات المدنية الحديثة عَلَى شرط أن يكون فيها ربح لهم وتجتهد كل حكومة في أن تنال مشاريع أكثر ثمرة من فغيرها وبذلك تنحصر منافسة الدول العظمى في الآستانة يراد بها الأعمال الاقتصادية.
ولطالما كان للمعتمدين السياسيين سماسرة من المتجرين والصانعين ولم ير غليوم الثاني حطة عليه أن يكتب إلى السلطان عبد الحميد شخصياً ليضمن طلبية كبرى للصناعة الألمانية والعثماني يدخن نارجيلته في ظل شجرة دلب قديمة. يرى هذا وهو يدهش من تكالب الغربيين عَلَى الأعمال وتنافسهم في سبيل الكسب واغتنائهم من بلاده ووضع أيديهم عَلَى مصادر ثروتها وحياتها والسلطان هو الذي يمنع هذه الامتيازات (هذا الكلام قبل الدستور) في الظاهر وهو صاحب الوقت ولا حرية له في لارفض ما يعرض عليه لأن