للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقول عرب الحرمين هم كالسائمة أشرار منذ القديم عَلَى ما أنبأنا التاريخ ظلوا عَلَى جاهليتهم الأولى لم يلطف الإسلام من شرتهم إلا قليلاً فهم يحاولون بكل ممكن أن يحولوا دون تمديد الخط أو تجعل لهم مرتبات سنوية يتقاضونها ويأمنون تقاضيها عَلَى الدهر وهي لا تقل مسانهة عن ربع مليون جنيه والعقل يعذرهم فيما لا يأتون لأن من يدافع عن رزقه يعذر والحكومة وهي الوصية الطبيعية عَلَى الضعفاء حتى يقووا مضطرة بحكم الشرائع أن تنظر في حياة أبنائها لا وأن تهلكهم جوعاً وعرياً وتعفي فقيرهم وغنيهم كما هي الآن من الجندية ودفع شيءٍ من الضرائب ولو كانت تأخذ من الموسرين لتفضل عَلَى المعسرين لحمدت خطتها أكثر.

يعيش كثير من سكان المدينة ومكة من الصدقات والأوقاف ورواتب الحكومة وربما غالى بعضهم في هذا الاتكال ولكن كيف السبيل وتجارة بلادهم ضعيفة لا تروج إلا أياماً مخصوصة من السنة في موسم الحج وتكاد زراعتهم تنحصر في بعض البساتين الضئيل ريعها التي تروى من مياه الآبار بالدلاء ثم أن العلوم التي تبعث الهمم عَلَى الأعمال الاقتصادية مفقودة في بلادهم لندرة من يعرفها منهم وبلادهم لا يدخلها إلا المسلمون وربما كان فيمن يزورونها طبقات راقية ولاسيما الهنود والمصريون ولكنهم لا يطيلون مقامهم إلا بقدر ما يزورون أو يجيء الراقون منهم ولا عمل لهم إلا التجرد عن الدنيا لا يخالطون ولا يعاشرون.

لا جرم أن سكة الحجاز قد نفعت سكان يثرب كمما نفعت سكان دمشق لأن الزوار كثر عددهم عَلَى طوال السنة والتجارة دب فيها روح جديدة في الجملة والاختلاط بالأمم نبه أفكار سكان طيبة الأصليين إلى قصورهم في ميدان العلم والتعلم. نقول السكان الأصليون وعددهم لا يكاد يبلغ ثمن السكان والباقون شاميون ومصريون ونجديون وعراقيون وتركيون وجاويون ويمانيون وزنجباريون وسودانيون وجزائريون وتونسيون ومراكشيون وسنغاليون وصينيون وهنديون وقفقاسيون وطاغستانيون وجراكسة وأكراد وكرجيون وغيرانيون وأفغانيون وبخايون وبلوجستانيون وغيرهم من شعوب الإسلام يأتون هذه البلدة الطيبة ينقطعون فيها للعبادة في مسجد خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

للمسلمين معرضان دينيان مهمان أحدهما وهو الأكبر في جبل عرفات كل سنة مرة والآخر