للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمع فأوعى من المسائل الدينية والعلمية والاجتماعية وقطع بقوة حججه ألسنة الملحدين المقلدين الذين بخسوا من قدر العقل وكادوا يقضون عَلَى الإنسانية بمزاعمهم الفاسدة فأوجدا الشرور في البشر وزينوا للناس حب الشهوات وهتك الأعراض حتى استباحوا الرذائل وأفسدوا الأخلاق.

عَلَى أني لاحظت بعض الأمور أثناء مطالعتي هذا السفر النفيس لم أر بداً من إظهاره حرمة لحرية النقد التي يحترمها ولا ريب أمثال الأستاذ المؤلف.

(أولاًَ) نهج المؤلف في كتابه منهج التطويل الذي يأباه عصرنا الحاضر في حين تخوله ملكته البيانية وقوته العربية في فن الكتابة أن يسلك طريق الاختصار الممدوح عَلَى قاعدة (ألفاظ قليلة وأفكار متعددة) فإن مؤلفات المرحوم محمد عبدة التي هي خير مشكاة يجب عَلَى علمائنا أن يحذوا حذوها قد سلك فيها مسلكاً غريباً لما حوته من الفصاحة والاختصار حتى سهل عَلَى جميع طبقات الناس مطالعتها فجمع في رسالة التوحيد تلك الأفكار العظيمة في هذه الوريقات القليلة ولقد وفاه حقه السيد لطفي المنفلوطي بقوله: كاد يكتب الشريعة الإسلامية بلسان صاحبها. فلو سلك المؤلف هذا المسلك في كتابه لكان حجمه نصف ما عليه اليوم فتسهل مطالعته عَلَى جميع الناس ويعم نفعه وهي أقصى الغاية التي ننشدها لأن الكتاب المطول مهما كان له من الشأن لا يقرأه غير الخواص من الناس.

(ثانياً) لقد حمل المؤلف عَلَى الملحدين حملة شعواء وكان الأجدر به أن يتجنب تلك الألفاظ ويجتزئ بالأدلة الناهضة التي أقامها لأن الحكمة تقتضي باستعمال الرفق واللين مع المعاندين وأن تدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فيسلكون طريق الحق. ولقد اثبت علماء الاجتماع أن المكابر المعاند يزداد طغياناً إذا دعي بالشدة نعم إن الملحدين لعمر الحق اكبر ضربة قاضية ولكننا بغير الرفق واللين لا نستطيع أن نستحوذ عَلَى قلوبهم حتى يميلوا إلى الحق ولقد علمنا القرآن كيف يجب علينا أن ننهج مع مثل هؤلاء الجامحين فقال: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وقال أيضاً: فقولا قولاً ليناً لعله يذكر أو يخشى فهذا فرعون مع ارتكابه أكبر جريمة عَلَى البسيطة أمر الله نبيه أن يسلك معه سبيل الرفق واللين فاستعمل المؤلف الشدة مع هؤلاء مدعاة المنفور فلو أضاف مع البراهين الثابتة التي أقامها قلاً ليناً لكان أولى.