للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثالثاً) لو تجرد الكتاب عن بعض الفلسفة القديمة لكان أقوى لإقناع الخصم لأنها أصبحت أمام العلم الحديث ضعيفة الدعائم عَلَى أن المؤلف قد أيد أكثر القضايا بالأدلة المنطقية والفلسفية الحديثة إلا أنه استعمل في باب الإلهيات بعض التعليلات القديمة.

(رابعاً) تعرض المؤلف أثناء بحثه لعلي كرم الله وجهه وعصمته وكان الأجدر بأمثال المؤلف ممن نضج علمه وكمل إدراكه أن يترك هذا البحث لغيره المشتغلين بالقشور لأنهم أحق بالخوض في غماره لأن الجزئيات قد حجبتهم بالكليات وليس معنى هذا الآن مناظرة المؤلف في هذا البحث أو نقض القضايا التي أقامها لأن الاشتغال بمثل هذه الأمور مدعاة لضياع الوقت دون جدوى لاسيما والأجانب تتوثب لتقسيم أملاكنا وذهاب استقلالنا وقد قال مرة أحد فلاسفة الألمان بينما نكون في الجبال والآكام نستخرج المعادن يكون المسلمين مشتغلين ببعض مسائل دينية فرعية يتناظرون ويتناقشون. وكان الأولى بالمؤلف أن يضرب كشحاً عن هذا البحث وهب أن الحق في جانبه فإن العقل يقضي عليه بارتكاب أخف الضررين لأن المسلمين لم تتفرق كلمتهم ويذهب مجدهم إلا بمثل هذه الاختلافات الضئيلة التي لا يقام لها وزن فصرنا نقول شيعي وسني ووهابي وو الخ وما نحن إلا أخوة نجتمع متحدين تحت لواء التوحيد.

عَلَى أن هذه الهفوة تستكبر من المؤلف لأنه عالم غزير المادة كبير العقل درس حالة المسلمين الروحية والاجتماعية وصف لها أنجع ترياق لدائها. عَلَى أن هذا التشيع لم يكن إلا بقية من بقايا التقليد الذي جرى عَلَى المسلمين هذا الويل والثبور. وصفوة القول أن هذا الكتاب من أنفع الكتب الدينية والاجتماعية والفلسفية الحديثة فيجدر بالكبار والصغار أن يقتنوه فهو خير دعوة أخرجت للناس.

دمشق // عبد الفتاح السكري

التاريخ الكبير

للحافظ أبي قاسم ابن عساكر طبع بمطبعة روضة الشام سنة ١٣٢٩ -

١٣٣٠

(ص٣٦٣ ج١) (ص٤٦٤ ج٢).