هي إحدى روايات رصيفنا جرجي بك زيدان صاحب مجلة الهلال بمصر نقلها إلى الإفرنسية وطنينا ميشيل أفندي بيطار احد أساتذة مدرسة اللغات الشرقية في باريز ونسق لغتها المسيو شارل موليه وقدم لها المسيو كلود فارير مقدمة قال في أولها ما ترجمته: في ٧٣٢ للميلاد حدثت فاجعة ربما كانت من أشأم الفجائع التي انقضت عَلَى الإنسانية في القرون الوسطى وما كان منها أن غمرت العالم الغربي مدة سبعة أو ثمانية قرون إن لم نقل أكثر في طبقة عميقة عَلَى التوحش لم يبدأ بالتبدد إلا عَلَى عهد النهضة وكان عهد الإصلاح يعيدها إلى كثافتها. هذه الفاجعة هي التي أريد أن أمقت حتى ذكراها وأغني الغلبة المكروهة التي ظفر فيها عَلَى مقربة من بواتيه برابرة المحاربين من الإفرنج بقيادة الكارولنجي شارل مارتل عَلَى كتائب العرب والبربر التي لم يحسن الخليفة عبد الرحمن جمعهم عَلَى ما يقتضي من الكثرة فانهزموا راجعين أدراجهم.
في ذلك اليوم المشؤوم تراجعت المدنية ثمانية قرون إلى الوراء ويكفي المرء أن يطوف في حدائق الأندلس أو بين العاديات التي لا تزال تأخذ بالأبصار مما يبدو من عواصم السحر والخيال إشبيلية وغرناطة وقرطبة وطليطلة ليشاهد والألم الغريب ذاهب منه ما عساها لو تكون البلاد الفرنسوية لو أنقذها الإسلام الصناعي الفلسفي السلمي المتسامح - لأن الإسلام مجموعة كل هذا - من الأهاويل التي لا أسماء لها وكان منها أن أنتج خراب غاليا القديمة التي استعبدها أولاً لصوص أوسترازيا ثم اقتطعوا جزءاً منها قرصان النورمانديين ثم تجزأت وتمزقت وغرقت في دماءٍ ودموع وفرغت من الرجال بما انبعثت في أرجائها من الدعوة للحروب الصليبية ثم انتفخت بالجثث بما دهمها من الحروب الخارجية والأهلية كثيرة العدد حدث ذلك عَلَى حين كان العالم الإسلامي من نهر الوادي الكبير إلى نهر السند يزهر كل الأزهار في ظل السلام تحت أعلام أربع دولات سعيدة الأموية والعباسية والسلجوقية والعثمانية.
ليس هذا فصلاً رسمياً في التاريخ الرسمي من التاريخ الكاذب الذي تعمله المختصرات لصغار الطلبة من الفرنسيس بل هو التاريخ الحقيقي الذي يتعلمه المرء بنفسه مما يجتازه من البحار أو يقطعه من الأراضي ويقلبه من خزائن الكتب الأجنبية وليس هذا بعزيز عل