عليه في حفلته وهو عَلَى سرير الملك يكلم وارثه المحزون الذي دعي لويس الخامس عشر.
نعم كانت تلك الأعصر عصور عدم المساواة الاجتماعية المعتدلة بدون نقض ولا إبرام. فكان يوصف الفلاحون من حرج في مملكة فرنسا - التي هي ضرب من جدول الأيام الوطني - بأنهم (وإن كانوا أكثر عدد من غيرهم فليسوا مما يجب الاحتفال به بل لنا أن نقول فقط بأن منهم تجبى الضرائب وأنهم يزرعون الأرض ليغذوا المدن) وغليك أيضاً كيف كانوا يعرفون الأعمال الصناعية الميكانيكية بأنها سافلة ساقطة. وكان الفقراء وحدهم يزرحون تحت أعباء الحكومة بأسرها وهي تطلب من الناس ما لا يستطيعون أن يقوموا ببعضه وأرباب الطبقات المختلفة من الأعيان سامت الملوك برفاهيتها وهي تستند إليها ويستندون عليها وعاقبة ذلك سحق الفقير.
لكم أن تقيسوا ما قمنا به من الأعمال وما حدث من الفروق بين هذا العصر والعصر السالف وما أظن أحداً في صحة من عقله يزعم بأن عصرنا عصر سيئات. نعم إن الإصلاح لم يتم إذ لا نزال نرى الشقاء الطبيعي والأدبي والظلم مستحكماً. إنكم عَلَى صغر سنكم تعرفون تلك الولايات وكثير منكم يراها قريبة منه. فمن بيوت ضيقة رديئة تحوي عوامل الفناء والأسر الوحيدة العديدة التي بقيت في فرنسا تصفر ألوانها في الأكواخ الساكنة فيها وينهكها السكر الذي ربما نشأ من الشقاء وربما أزاده وأدامه وبذاء الكلام والحركات السفيهة. وأنكى من ذلك مشاهد أولئك المحتشمين الذين لا يفتأون يقلقون ويخافون الفاقة وهم عَلَى طيب قلوبهم يحيون منقطعة آمالهم. وبين السواد الأعظم وخيار الناس من الفرق العظيم الناتج من اختلاف التربية ما هو معروف موصوف. فالجهل في السواد الأعظم يكاد يكون عاماً يتناول صفات الناس وصفات الوطن.
إن ما يجب أن يعمل أيها الأولاد هو تتابع العمل فيما بدأنا به لنحرر المجتمع الفرنسوي ما أمكن من ضروب الشقاء والمظالم الإنسانية التي لم تستأصل شأفتها.
هذا العمل شاق ولا يخلو من مخاطر وذلك لأننا نحاول للمرة الأولى أن نرفع ما سقط ونقوم ما انحنى. وظاهر بأن الناس كلهم كيفما دارت الحال لا يقدرون عَلَى الاضطلاع بأعباء الزعامة وأنه يجب شيء من النظام أبداً وشيء من الترتيب وبديهي بان بعضهم