إلى بلاد الساحل مثل صور وعكا وعسقلان وكانت جريدة قواد الأسطول في آخر أمرهم تزيد عَلَى خمسة آلاف مدونة منهم عشرة أعيان يقال لهم القواد وتصل جامكية كل واحد إلى ٢٠ ديناراً ثم إلى ١٥ ثم إلى عشرة ثم إلى ثمانية ثم إلى دينارين وهي أقلها.
ولهم إقطاعات تعرف بأبواب الغزاة بما فيها من النطرون وكان يعين من القواد العشرة واحد فيصير رئيس الأسطول ويكون معه المقدم والقادس فإذا سار إلى الغزو كان هو الذي يقلع بهم وبه يقتدي الجميع فيرسون بإرسائه ويقلعون بإقلاعه ولا بد أن يقدم عَلَى الأسطول أمير كبير من أعيان أمراء الدولة وأقواهم نفساً ويتولى النفقة في غزاة الأسطول الخليفة بنفسه بحضور الوزير فإذا أراد النفقة فيما تعين من المراكب السائرة (كانت في أيام المعز تزيد عن ٦٠٠ قطعة وآخر ما صارت إليه في آخر الدولة نحو ٨٠ شونة وعشر مسطحات وعشر حمالة فما تقصر عن مائة قطعة) فيتقدم إلى النقباء بإحضار الرجال فيجتمعون وكانت لهم المشاهرات والجرايات في مدة أيام سفرهم وهم معروفون عند عشرين عريفاً يقال لهم النقباء فإذا اجتمعوا أعلم النقباء المقدم فأعلم بذلك الوزير فطالع الخليفة فيقرر يوماً للنفقة فيحصر الوزير بالاستدعاء من ديوان الإنشاء عَلَى العادة ويجلس الخليفة عَلَى هيئته في مجلسه ويجلس الوزير في مكانه ويحضر صاحباً ديوان الجيش وهما المستوفي والكاتب فيجلس المستوفي من داخل عتبة المجلس وبجانبه من وراء عتبة الباب كاتب الجيش في قاعة الدار وشرط هذا المستوفي أن يكون عدلاً من أعيان الكتاب وأما الكاتب فكان في غالب الأمور يهودياً.
فإذا تهيأ المال أدخل الغزاة مائةً مائة فيقفون في أخريات من هو واقف للخدمة من جانب واحد نقابة نقابة وتكون أسماؤهم قد رتبت في أوراق لاستدعائهم بين يدي الخليفة فيستدعي المستوفي من تلك الوراق المنفق عليهم واحداً واحدا فإذا خرج اسمه عبر من الجانب الذي هو فيه إلى الجانب الآخر فإذا تكملت عشرة وزن الوازنون لهم النفقة لكل واحد خمسة دنانير فيسلمها له النقيب وتكتب باسمه ويده وهكذا إلى الآخر وإذا تم ذلك ركب الوزير بين يدي الخليفة وانفض الجمع.
وإذا تكاملت النفقة وجهزت المراكب وتهيأت للسفر ركب الخليفة والوزير إلى ساحل النيل بالمقس عند منطرة المقس فيجلس فيها الخليفة يرسم وداع الأسطول ولقائه فإذا جلس