فرعون في وادي موسى (بترا) قطعة واحدة وعبارة ياقوت تبين أنه رأى ذاك القصر أو نقل عن ثقة. وهذا من أعاجيب الدنيا ولا شك مثل قصر شيرين وشيرين بكسر الشين بالفارسية الحلو وهو اسم حظية كسرى أبرويز وكانت من أجمل خلق الله والفرس يقولون كان لكسرى أبرويز ثلاثة أشياء لم يكن لملك قبله ولا بعده مثلها فرسه شبذير وجاريته شيرين ومعنيه وعواده بلهبذ. وقصر شيرين موضع قريب من فرميسين بين همذان وملوان في طريق بغداد إلى همذان وفيه أبنية عظيمة شاهقة بكل الطرف عن تحديدها ويضيق الفكر عن الإحاطة بها وهي إيوانات كثيرة متصلة وخلوات وخزائن وقصور وعقود ومنتزهات ومستشرقات وأورقة وميادين ومصابد وحجرات تدل على طول وقوة. . . .
وقصر اللصوص بناؤه عجيب جداً وذلك انه على دكة من حجر ارتفاعها عن وجه الأرض نحو عشرين ذراعاً فيه إيوانات وجواسق وخزائن تحير في بنائه وحسن نقوشه الأبصار وكان هذا القصر معقل أرويز ومسكنه ومنتزهه. وإيوان آسك من نواحي الأهواز وهو عال في صحراء على عين غزيزة وبيئة وإزاء الإيوان قبة منيفة سمكها على مائة ذراع بناها للملك قبان والد أنوشروان قال مسعر بن مهلهل وما رأيت في جميع ما شاهدت من البلدان قبة أحسن بناء منها ولا أحكم.
والتأنق في القصور ليس خاصاً بالفرس والروم بل هو من شأن العرب في دولتهم الشرقية ودولتهم الغربية ومن تلا سير الأندلسيين يعرف مبلغ حرصهم على تشييد القصور والزهراء والحمراء بعض بقايا تلك الهندسة البديعة والثروة الوسيعة فانظر الآن مثالاً مما قاله ياقوت في قصر عيسى وهو عباسي مشرقي قال: هو منسوب إلى عيسى ابن علي بن عبد الله بن عباس وهو أول قصر بناه الهاشميون في أيام المنصور ببغداد وكان على شاطئ نهر الرفيل عند مصبه في دجلة وهو اليوم في وسط العمارة من الجانب الغربي وليس للقصر أثر الآن إنما هناك محلة كبيرة ذات سوق تسمى قصر عيسى وقد روي أن المنصور زار عيسى بن علي ومعه أربعة آلاف رجل فتغذى عنده وجميع خاصته ودفع إلى كل رجل من لجند زنبيل فيه خبز وربع جدي ودجاجة وفرخان وبيض ولحم بارد وحلاوى فانصرفوا كلهم مسمطين (يقال رأيته متسمطاً لحماً أي يحمله) ذلك فملا أراد المنصور أن ينصرف قال لعيسى: يا أبا العباس لي حاجة قال: ما هي يا أمير المؤمنين