وزادت عنايتهم بأمرها وأسست لها البيوت والشركات المهمة التي تدخلها فتظن نفسك في مصرف كبير أو معمل خطير. والإعلانات مادة الصحف في الغرب وكثير من أمهات جرائدها لا تصدر يوماً واحداً لولا الإعلانات لأن ما تأخذه من القراء والمشتركين لا يبلغ ثمن الورق مع أنها تطبع بمئات الألوف فتأمل يا تاجر بلادنا
سويسرا: التربية العملية
من أعظم أسرار امتياز الغربي عن الشرقي إن الفرد عندهم يعيش بنفسه لنفسه ونحن نتكل في عيشنا في الأغلب على الوالد والوالدة والقريب والحكومة ويقل جداً فيهم من اغتنى من غير المذاهب الطبيعية في المعاش من صناعة وزراعة وتجارة واقل منه فتى أو فتاة في مقتبل العمر تقعد به همته عن اتخاذ أسباب الكسب انتظاراً لأرث ربما يورثه إياه أبوه أو أمه أو لوظيفة تليق بعظمته يتناول راتبها الباهظ بعمل ضئيل قليل.
حالة تدهش في الغرب من عيش الاستقلال ونحن حالنا على ما تعهد من عيش الاتكال الذي انقض عدد العاملين والعاملات وقذف بنا من حالق مجد وسعة إلى دركات ذلة وفاقة. كلما ذكرنا وأيم الحق أن في دمشق نحو ثلاثة عشر ألف شحاذ أكثرهم أصحاء أقوياء نقضي المجب من حالنا ونسجل بأننا سواء وحكومتنا في هذا النوم أو التناوم عن السعي في مداواة أمراضنا الاجتماعية وبدون ذلك لا تقوم لنا قائمة ولا نتحرر من قيودنا السياسية والاقتصادية.
وأني آسف وأبكي لمئات من الشبان في سورية ولا سيما في دمشق وحلب وحماة وطرابلس والقدس سئموا الحياة لبطالتهم وهم يعيشون عالة على أهلهم ومنهم الموسع عليه في رزقه لا يتنزلون للاحتراف بحرفة ولا يرون أنه يليق بهم إلا أن يتصدروا على مقاعد الحكم آمرين ناهين يؤثرون البطالة منتظرين أن يموت أولياؤهم ليستولوا على أموالهم وفي الغالب أن يموت الموسر عندنا وهو موسر بالنسبة لمحيطه ويخلف أولاداً كثاراً تقسم بينهم الثروة فينال الواحد جزءاً قليلاً لا يستطيع إنماءه ولا يقوم بتفخله وبذخه هذا إذا لم يكن فاسد الأخلاق ولم يصرف دخل سنة في شهر وهناك بشع بالفقر إلى أرذل العمر.
أما الغرب فحاله غير حالنا إذا تعلم الولد التعليم الابتدائي غالباً يبدأ أهله يقطعون عنه راتبه ويطالبونه باجرة الدار وثمن الطعام ليلقي نفسه في معمعان الحياة ويعلم أنه فرد مسؤول