للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن نفسه لا يقوم بإعالته غير عمله ولهذا مئات الألوف من الأمثلة ولقد قلنا في مقالة سبقت أن ليس في الأرض امرأة ضاهت الرجل في عمله كالمرأة السويسرية فلا تكاد تجد في النساء من لا يحترفن في هذه الجمهورية السعيدة غنيات كنا أو فقيرات ولذلك تزيد ثروة البلاد يوماً بعد آخر وترتقي في كل فرع من فروعها المدنية الحيوية. وحال معظم أمم الحضارة كذلك.

أكتب هذا وأمامي أربع فتيات في المنزل الذي أويت إليه في لوزان لا أطاب لوطني إلا أن يكون رجاله دع نساءه في درجتين من التفاني في الحياة العملية والتناغي بحب الاستقلال في الأعمال. الفتاة الأولى انكليزية والثانية ألمانية والثالثة سويسرية فرنساوية والرابعة سويسرية ألمانية وكلهن سواء في كره الاتكال ومثال صالح غريب المثال قالت لي الفرنساوية السويسرية وهي في الحادية والعشرين من عمرها تعطي دروساً في الموسيقى وقد سألتها عن والدها وحالته في الدنيا: إنه متعهد أبنية ولنا بيتان يحتويان على زهاء عشرين مسكناً نؤجرهما في شالي من ضواحي لوزان وشقيقي الواحد صاحب نزل في نيس والآخر معلم بستاني في لندرا فقلت لها مثلك في الشرق يستريح ولا يعرف إلا الأزياء والرفاهية فقالت إن الناس كلهم في سويسرا يعملون وكل واحد يعيش لنفسه فليس من العدل أن أعيش عالة على والدي أو والدتي ولا على أحد أشقائي بل أعمل وأجمع ثروة لنفسي عملاً بسنة العاملين والعاملات أما الفتاة الانكليزية وهي في الحادية والعشرين أيضاً فقد هجرت بلادها وجاءت لوزان تدخل في إحدى البيوت الخاصة التي توفرت على تعليم الفتيات اللائي تخرجن من المدارس العليا في انكلترا وألمانيا وروسيا أو غيرها وأردن أن يتقدمن في معرفة الفرنساوية وآدابها والرياضيات البدنية والرقص والغناء وغير ذلك من لوازم المرأة الأوروبية الراقية التي تليق لترأس المجتمعات العالية والتصدر في الردهات والقاعات. قالت إنها تعلم الانكليزية وهي لا تتناول مالاً وإنما تعيش مع الفتيات في مدرسة وتتعلم الافرنسية بهذه الواسطة. وقد ذهب الفتيات خلال عطلة رأس السنة إلى الجبال للتزحلق والتدحرج والتسلق على الثلج فاقفل باب النزل فعرض عليها هي ورفيقتها الفتاة الألمانية أن يذهبا مع الفتيات فأثرتا البقاء في لوزان فجعلتهما مديرة تلك المدرسة في النزل الذي نحن فيه مدة العطلة تنفق عليهما ريثما تفتح أبواب منزلها أو مدرستها. أما الفتاة