ولبقاء استقلالها مصونا من عبث البلغار سنة١٨٨٥فإن سلالة اوبرنوفيتش قد علقت بقائها ومستقبلها على طالع بلادنا. ومقتل ملك الصرب الذي كان داعيا إلى صعود أسرة قره جبورجو فيتش على عرش صربيا الملوث بالدماء لم يكن فيه سقوط بيت ملوكي فقط بل تداعى معه النفوذ النمساوي في البلقان١٩. ٣وعلى العهد الأخير وعقبت اتفاقنا مع روسيا اضطررنا إلى التخلي مركزنا فأصبحت بلغراد للحال بؤرة اضطرا بات مفرطة لا تطمح إلى الاستيلاء على مكدونيا فقط بل لتطال إلى مقاطعتي البوسنة وسلا فونيا فعادت الحال إلى ما كانت عليه قبل سنة١٨٧٦وأصبحت الدولة العثمانية وسلطة إمبراطورية النمسا والمجر في خطر من جديد. النسر ذو الرأسين هو الرمز الحقيقي لروسيا فإنها ليست ذات سياستين إحداها رسمية والأخرى سرية بل إن لهذه السياسة الأخيرة: الغرب والشرق. عندما تقف في وجه روسيا عقبات مهمة في الغرب تنقلب إلى آسيا ومتى صادفت هنا مشاكل نعود فنبحث عما تعوضه في أوروبا. فروسيا لا تعرف لا توقفاً ولا راحة. لما أخذت روسيا بعد حرب القريم تجمع شملها كما قال السياسي غور تشا كوف استولت على إقليم الأمور منتزعة إياه من يد الصين ثم افتتحت بلاد خانات آسيا الوسطى مثل بخارى وخو قنذوخيوه وكان من أمر وفاق سنة١٨٩٧الذي وقعت عليه وحظر عليها العمل في البلقان علنا لما فيه مصلحة سياستها إن وجهت وجهتها نحو الصين الآخذة بالانحلال فاحتلت بلاد منشور وألقت نظرها إلى كوريا طامعة أن تكون دولة بحرية في المحيط الباسيفيكي إذ لم تستطع أن تكون كذلك في أوروبا ولكن هذه الأحلام جرتها إلى عراك مع اليابان وهذه كانت قد تجددت حياتها الداخلية فزادت قوتها وكان من حربها مع الصين وخروج اليابان ظافرة سنة١٨٩٤أن تنبه في هذه الدولة الغالبة الشعور فخرجت اليابان منصورة في البر وفي البحر في حرب سنة ١٩. ٤ - ٥ وفقدت روسيا بوراثور وكان من أمر كوريا أن احتلتها اليابان فاضطرت روسيا أ، تتخلى مؤقتاً عن أمانيها في آسيا الصغرى وحالت الثورات التي نجمت بشدة سنة١٩. ٥ - ٦ دونها ودون السياسة الأوروبية ولو كان للمحالفة الثلاثية خلق اعتداء وأطماع في فتح بلاد لتيسر لها في ذلك الحين أن تغتنم ألفرصة لأضعاف مملكة القياصرة زمناً طويلاً. وكانت اليابان في هذه الحرب نصيرة إنكلترا التي كانت مربوطة معها على ما علم بمعاهدة لا يزال حكمها ساريا