وبتحريض الإمبراطور غيليوم الثاني دخلت روسيا في الحرب لتقضي على الخطر الأصفر فإن ألمانيا كانت تحاذر أبداً من جارتها في الشرق ومن اتحادها مع فرنسا فرافها اشتعال روسيا في الشرق ونظرت إليه بعين الرضا وهذا مما ينافي مصلحة إنكلترا. وكانت مشاكل هذه المصانع الحيوية منذ عهد نابليون تتقاذف القرن التسع عشر بجملته ويرجع ألفضل إلى فمبري العالم المجري الشهور في إنارة الرأي العام الإنكليزي في معنى النتائج المضرة على إنكلترا التي تحدث من التقدم الروسي وقد أدركت إنكلترا منذ ذلك العهد بأن اتساع مستعمراتها وتباين أفكارها امتداد تجارتها والمحافظة على مصارف صناعتها وطرق مواصلاتها تقتضيها مشاق تزيد اليوم عن الآخر. وصرح المركيز سلسبوري البوزير الإنكليزي في إحدى خطبه بما يجب على بريطانيا العظمى من الاستسلام للقضاء بلسان الحزن أمام ما يعترضها من أصعاب التي تكاد لا تذلل لحل هذه الإشكال. فمن ثم رأت إنكلترا بعين الرضا المحالفة الثلاثية تقيد الأطماع الروسية عن الانبعاث في أوروبا وكذلك تفعل اليابان في آسيا. وبديهي أن الأملاك البريطانية في آسيا هي أثمن في نظرها من الدولة العثمانية والمضايق وهي ترجح أيضاً أن تشفي روسيا أطماعها التي لا ينتهي في أوروبا بدلاً من أن تعبث بإمبراطورية الهند ومصارف الصين. عرف هذا فخطر لرجال السياسة الإنكليزية أن يشغلو روسيا في أوروبا ليخلو لهم الجو ويمتعوا بنعمة السلام في آسيا. ومن ألقى نظره على التاريخ يرى أن السياسة الإنكليزية ذات وجهين تشبه السياسة الروسية تقريباً فإن اختلاف الأحزاب في بريطانيا في مسائل السياسة الخارجية تحدث بينهم اختلافا كبيراً كالانحراف الشاهد في بطرسبرج بين روسيا الرسمية وغير الرسمية فحزب المحافظين من الإنكليز الذي تشبع بما دار من العراك القديم مع فرنسا يبحث أحيانا أن يكون من حزب الحكومات الألمانيا ومن قواعدهم ومن قواعدهم إجمالاً أن يكونو على صلات حسنة مع بلاط فينا ويحافظوا على الدولة العلية وفي بعض الأحوال عندما كانت الأستانة تهدد والقوى الروسية تقترب من الهند كان الأحرار يعضدون سياسة الاستعمار ولكن تقاليدهم السياسية تختلف اختلافا محسوساً. وقد ورد في كتاب مفاوضات هوراس والبول إن كاتربنا الثانية أوصت في سنة١٧٩٢على تمثال فوكس زعيم حزب الأحرار المعارض الإنكليزي في عهده لأنه قاوم نشوب الحرب بين الشعبين العظيمين روسيا