للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخلاق ويطبعهم بطابع ألفضائل ويحذرهم البغي والظلم ويستل بلطيف أسلوبه سخائهم وأحقادهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويزين لهم العمل الصالح ويربأ بهم عن مهلكات الشهوات.

(٤) البلاغة للعرب وفي البيان والتبين كلام طويل على الخطابة

وأقوال الشعوبية أي غير العرب فيها

وقد رد الجاحظ عليهم بقوله: قالوا والخطابة شيء في جميع الأمم وبكل الأجيال إليه أعظم الحاجة حتى أن الزنج مع الغثارة ومع فرط الغباوة ومع كلال الحد وغلط الحس وفساد المزاج لتطيل الخطب وتفوق في ذلك جميع العجم وإن كانت معانيها أجفى وأغلظ وألفاظها أخطأ وأجهل وقد علمنا أن أخطب الناس ألفرس وأخطب ألفرس أهل فارس وأعذبهم كلاماً وأسهلهم مخرجاً وأحسنهم ولاء وأشدهم فيه تحنكاً أهل مرو وأفصحهم بالفارسية الدرية وباللغة ألفهلوية أهل قصبة الأهواز فأما نغمة الهزبذة ونغمة الموبذان فلصاحب تفسير الزمزمة قال الجاحظوجملة القول أنا لا نعرف الخطب إلا للعرب والفرس وأما الهند فإنما لهم معان مدونة وكتب مخلدة لا تضاف إلى رجل معروف ولا لى عالم موصوف وإنما هي كتب متوارثة وآداب على وجه الدهر سائرة مذكورة ولليونانيين فلسفة وصناعة منطق وكان صاحب المنطق نفسه بكي اللسان غير موصوف بالبيان مع علمه بتمييز الكلام وتفصيله ومعانيه وبخصائصه وهم يزعمون أن جالينوس كان انطق الناس ولم يذكروه بالخطابة ولا بهذا الجنس من البلاغة وفي ألفرس خطباء إلا أن كل كلام للفرس وكل معنى للعجم فإنما هو عن طول فكرة وعن اجتهاد وخلوة وعن مشاورة ومعاونة وعن طول التفكر ودراسة الكتب وحكاية الثاني علم الأول وزيادة الثالث في علم الثاني حتى اجتمعت ثمار تلك ألفكر عند أخرهم وكل شيء للغرب فإنما هو بديهة وارتجال وكأنه الهام وليست هناك معاناة ولا مكابدة ولا إجالة فكرة ولا استعانة وإنما هو أن يصرف همه إلى الكلام وإلى رجز يوم الخصام أو حين أن يمتح على رأسه بئر ويحدو ببعير أو عند المقارعة والمناقلة أو عند صراع أو في حرب فما هو إلا أن يصرف همه إلى جملة المذاهب وإلى العمود الذي إليه بقصد فتأتيه المعاني إرسالاً وتنهال عليه الألفاظ انثيالاً ثم لا يقيده على نفسه ولا يدرسه أحداً من ولده وكانوا أميين لا يكتبون ومطبوعين لا يتكلفون وكان الكلام الجيد