العامي والخاصّي فإن أمكنك أن تبلغ من بيان لسانك، وبلاغة قلمك، ولطف مداخلك وإقدارك على نفك، على أن تفهم العامّة معاني الخاصة، تكسوها الألفاظ الواسطة التي لا تلطف عن الدهماء، ولا تجفو عن الأكفّاء، فأنت البليغ التام
كالبشر: فلمّا قرئت على إبراهيم قال لي: أنا أحوج إلى هذا من هؤلاء ألفتيان. قال أبو عثمان: أما أنا فلم أرَ قوماً قطّ أمثل طريقةً في البلاغة من الكتّاب رىأألفنزائل
فإنهم قد التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعراً وحشيّاً ولال ساقطاًسوقيّاً وإذا سمعتموني أذكر العوام، فإنّي لست أعني ألفلاحين والحشوة، والصّنّاع والباعة، ولست أعني الأكراد في الجبال، وسكان الجزائر في البحار، ولست أعني من الأمم مثل البرد والطّيلسان، ومثل موقان وجيلان، ومثل الزنج وأمثال الزّنج، وإنما الأمم المذكورون من جميع النصّ أربع: العرب وفارس والهند والروم، والباقون همجٌ وأشباه الهمج وأما العوام من أهل ملّتنا ودعوتنا ولغتنا وأدبنا وأخلاقنا فالطّبقة التي عقولها وأخلاقها فوق تلك الأمم لم يبلغوا منزلة الخاصّة منا، عل أن الخاصّة تتفاضل في الطبقات أيضاً، ثم رجع بنا القول إلى بقية كلام بشر بن المعتمر إلى ما ذكر من الأقسام قال بشر: فإن كانت المزلة الأولى لا تواتيك ولا تعتريك لا تسنح لك عدّ أول نظرك وفي أول تكلفك، وتجد اللفظة التي لم تقع موقعها، ولم تصل إلى قرارها وإلى حقّها من أماكنها المقسومة لها، والقافية لم تحل في مركزها، وفي نصابها ولم تتصل بشكلها، وكانت قلقة في مكانها نافرة عن موضعها فلا تكرهها على اغتصاب الأماكن والنزول في غير أوطانها فإنك إذا لم تتعاطَ قريض الشّعر الموزون ولم تتكلّف اختبار الكلام المنثور، لم يعبك بتْرَكَ ذلك أحدٌ، وإن أنت تكلّفتها ولم تكن حاذقاً مطبوعاً ولا محكماً لسانك، بصيراً بما عليك أو ما لك، عابك من أنت أقلُّ عيباً منه ورآى من هو دونك أنه فوقك
فإن ابتليت بأن تتكلّف القوم وتتعاطى الصنعة، ولم تسمح لك الطّباع في أول وهلةٍ، وتعصى عليك بعد إجابة ألفكرة، فلا تعجل ولا تضجر، ودعه بياض يومك أو سواد ليلك، وعوده عند نشاطك وفراغ بالك بأنك لا تعدم الإجابة والموافاة إن كانت هناك طبيعة، أو جريت من الصناعة على عرق فإنّ تمنع ذلك عليك بعد ذلك من غير حادثً شغل عرَض، ومن غير طول إهمال والمنزلة الثالثة أن تتحول من هذه الصّناعة إلى أشهر الصناعات