للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تامَّاً عن مبانيهم ويفكّرون أنّ ذلك شيءٌ لا ضرورة له ومن ذلك ظهرت هذه النتيجة المعيبة في الأبنية

إنّ الذين يحكمون على الأمة ليس لهم إلا الظّاهر منها وأنّ أول شيءٍ يظهر لهم هو حالتها الاجتماعية وكيفيّة معيشتها ومبلغ مدنيّتها وذلك لا يظهر إلا في مبانيها فإذا كانت مستكملةً الشروط حكموا لها بالّقيّ وإلا فيحكمون عليها بالجهل والانحطاط وربما يعترض بعض المطّلعين بقولهم إنّا عهدنا لبعض المهندسين بأعمالنا فقدّموا لنا رسوماً لمبانينا ولكنّا بعد أن أتممنا بناءها وجدنا شكلها ليس كما يرام فيجاب على ذلك بجوابين: الأول أنهم ضنّوا على مهندسيهم بجميع قيمة أتعابهم. الثاني: إنّ الرسوم المقدّمة إليهم كانت بنسية تلك الأتعاب ونتيجة ذلك أنّ الرسم المقدّم إليهم كان الشّكل التخطيطي فقط وليس ذلك بالكفاية خصوصاً وأنهم لم يفهموه في الغالب وهم في ذلك معذورون والمهندسون لا يمكنهم تقديم رسوم مستكملة الشّروط بهذه الأتعاب القليلة

والنتيجة أنه يجب عمل الرسوم اللازمة لأي بناء قبل الشروع فيه ويجب أن تكون الرسوم المقدّمة من المهندس أربعةً على الأقل أولها المسقط الأفقي ثانيها شكل أهم واجهة في البناء ثالثها قطّاع رأسي عن جميع البناء مبيّنٌ فيه الإرتفاعات وغير ذلك رابعها رسم تفصيلي عن أهم ما يراه المهندس في البناء

وبعد فإن المانع في فلسفة ألفنون الجميلة من أن نقول هذا البناء بلغ حدّ الكمال لم يزل إلى الآن ولا ندري إن كنّا بلغنا درجةً محسوسةً في الرّقي تظهر آثارها لمن يأتي بعدنا أو لا فإنا لم ننسى الزمن الماضي ومبانيه وقد بقي منه كثيرٌ من القصور الكبير إلى الآن فإذا نظرنا واجهة إحداها التي كانت في زمانعا آية الآيات في الزخرف والرواء عند صانعيها نقابلها الآن بابتسامةٍ فهل ما نصنه اليوم ونظنّه جميلاً سيقابل من رجال المستقبل بهذه الابتسامة أيضاً؟ لا ندري: ولكن الذي يجب علينا هو أن نصنع أعمالنا على قواعد أساسية يقررها العلم ويستحسنها العقل وترتاح لها النفس حتى إذا جاء الذي بعدنا ونظر عملنا يعتقد أننا كنّا نشتغل بفكرٍ وعلى قواعد ويكون ملزماً باحترام أعمالنا كما نحترم نحن الآن الآثار الجميلة التي تركها ألفراعنة والعرب التي هي موضع الإعجاب لعهدنا عندنا وعند غيرنا