إنّ الحكم على شيءٍ أو المقارنة بينه وبين شيءٍ آخر هو فرعٌ عن تصوّره وذلك لا يكون إلا نتيجة مبلغٍ رقيّ المقارن في الهيئة الاجتماعيّة ومبلغ علمه فيما سيحكم فيه فما علينا إلا أن نجتهد ونرقى ونعرف وبعد ذلك نحكم فيكون حكمنا على أساس متينٍ يقبله العقلاء وتطأطئ له الرؤوس
المنزل مأوى الإنسان مع أهله بل هو المملكة الصّغيرة التي تدبّرها مدبّرته وهو ذلك الحريم الشّرقيّ الذي تعيش فيه المرأة الشّرقيّة مع أولادها بل المدرسة الأولى لأفراد الأمة المستقبلة وهو المكان الذي يأوي إليه ربّه بعد تعبه من أشغاله فيجد فيه الراحة والهناء. فيجب والحالة هذه أن يكون محتوياً على جميع أسباب الراحة مستوفياً جميع الشّروط الصحّيّة سواءً كان ذلك في البيوت داخل المدن أو في المنازل الخلويّة أو في طباق العمارات الكبيرة
إنّ رقيّ الأمة أو وجوب رقيّها يضطرّها إلى تغيير النّظام الذي سارت عليه في القرن الماضي لإيجاد المحالّ الكافية من كلّ وجهةٍ لمعيشة عائلةٍ شرقيّةٍ إسلاميّة أخذت ترجع إلى المعيشة الديمقراطية ثم سهولة الأعمال العظيمة بواسطة العدد والإختراعات الحديثة تساعدنا على إنشاء هذه المحالّ بأشكالٍ جميلةٍ ونظامٍ تامٍّ حتى يجد الأفراد فيها راحتهم وسرورهم. يلاحظ المهندي المعماري قبل وضع تصميمه شيئين: الأول ملاحظة عموميّة والثانية تفصيلية وكلتا الملحوظتين تنقسم إلى عدّة أقسامٍ فالأولى يجب على المهندس أن يضع نصب عينيه - نقطة البناء وشكلها - منظر واجهته وتلافيها بالنظر - استقلال محلاّته - الاقتصاد الممكن في البناء وكذلك مراعاته للسكان - ما يقي السكّان عند حدوث الخطر - ملاحظة المفروشات ونظامها - وحفظ الصّحّة ومراعاتها. الثانية تفصيل المحالّ من غرفة استقبال الرجال أو المطالعة وغرفة النوم والملابس والحمّام وما يتبعه وغرفة أشغال ربّة المنزل وأخرى لاستقبال السّيّدات وغرفة الأطفال والمطبخ والأنبار وغرفة الأكل. . الخ ولا يوجد قانون لجمع هاتين الملحوظتين وفروعهما وإنما يأتي ذلك بقوة ومهارة المهندس الذي يضع التّصميم ومبلغ ذكائه وخبرته وعليه أن ينظر لكل نقطة من هاتين الملحوظتين وغيرهما ويهيّئ لها جميع الأفكار التي تناسبها في خاطره ثم ينتقي أحسنها وعليها يبرز تصميمه